عاشت تونس خلال الاسبوع المنقضي على وقع انتقال السلطة الرئاسية من خلال حفل التنصيب الرسمي للرئيس الجديد قيس سعيد. وقد توجهت الأنظار بالخصوص إلى الخطاب الذي ألقاه في مجلس نواب الشعب باعتباره فرصة للاقتراب أكثر من شخصيته ومن توجهاته، ذلك أنه كان شحيح الكلام طوال الحملة الانتخابية التي لعب فيها العالم الافتراضي للأنترنت دورا حاسما.
لقد أكد عديد المتابعين والباحثين أن الحملة الانتخابية للرئيس قيس سعيد كانت قد تمت بالأساس عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة منها فايسبوك. لذلك كانت تحركاته الميدانية قليلة ولقاءاته الصحفية أقل ما عدا بعض الحوارات التي أتت بعد ضغط من الإعلاميين أو المناظرة التلفزيونية التي جمعته بمنافسه في الدور الثاني. ولم نلمس من خلال هذه الإطلالات الخاطفة ملامح واضحة لتوجهاته خاصة وقد تبنت ترشحه تيارات متباعدة فكريا من أقصى اليمين الإسلامي إلى أقصى اليسار الفوضوي. فقد بقي خطابه عاما تطغى عليه الشعارات وكأنه لا يعول كثيرا على التواصل المباشر بل على التواصل الافتراضي.
أما وقد تم تنصيبه يوم الاربعاء الماضي، فقد أصبح لزاما عليه الخروج من السياق الافتراضي الانتخابي ومواجهة إكراهات الدولة والواقع. خطاب التنصيب وكذلك التصرف في الايام الأولى من تولي منصب الرئاسة تعد مؤشرات مهمة على مدى التمكن من هذا التحول وعلى تحديد التوجهات العامة.
بالنسبة لخطاب التنصيب طغت عليه مسحة "شعاراتية" أكثر منها عمليه. فبالرغم من بعض الرسائل المطمئنة فيما تعلق باحترام الحريات وكذلك بالمعاهدات الخارجية، إلا أن الكلام لم يخرج عن الحماس الانتخابي كما يبنه حديثه عن الحرب ضد الإرهاب أو عن القضية الفلسطينية. فقد أخذ هذا الموضوع حيزا مهما من الوقت ليتم التذكير دون موجب بمكانتها في الوجدان العربي والحال أنه كان عليه أن يكتفي بالتذكير بالقرارات الدولية ذات الصلة ودعم السلطة الفلسطينية.
من جهة أخرى لا يبدو من خلال تصرفات الرئيس قيس سعيد في الايام الأولى لرئاسته أنه انتقل فعلا من الجو الافتراضي الانتخابي ليدخل واقعية الدولة وإكراهاتها. فقد فضل على ما يبدو مواصلة الإقامة في مقر سكناه الشخصي في أحد أحياء العاصمة على الانتقال لقصر قرطاج. قد يبدو ذلك نوعا من الزهد غير انه وجب على الرئيس الجديد أن يفهم أن قصر قرطاج هو مركز الحكم وهو مؤمن وأن أمن الدولة يقتضي حماية الرئيس حتى من تواضعه.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك