خبر وتحليل

هل يمكن علاج لبنان بقرص لتهدئة الصداع؟

نشرت في:

إذا لم يجدوا قوادم فليرحلوا عن البلد" أي إذا لم يجدوا أشخاصا محترمين فليرحلوا عن البلد، كانت هذه نصيحة الرئيس اللبناني ميشيل عون للحراك الشعبي، معتبرا أنه ينبغي على الرافضين للنظام القائم أن يجدوا له من يتحدث معه بلغته السياسية لكي يتفاهم معه، أو بصورة أوضح أن يجدوا أطرافا من داخل النظام الذي يرفضونه للدفاع عن مطالبهم بالخلاص من هذا النظام.

الرئيس اللبناني ميشال عون
الرئيس اللبناني ميشال عون ( أ ف ب)
إعلان

تأتي هذه النصيحة في بلد يعيش كارثة اقتصادية مع انخفاض الليرة اللبنانية ليصبح سعر الدولار ١٥٠٠ ليرة، ارتفاع الدين العام إلى ٨٦ مليار دولار، ما يعادل ١٥٠٪ من إجمالي الناتج المحلي، وتراجع نسبة النمو إلى ٠,٢٪، وعندما يطالب الحريري بحكومة تكنوقراط فإنه يلوح بأن استبعاد حزب الله من الحكومة سيجلب مساعدات سعودية وخليجية إلى جانب ١١ مليار دولار المقررة في مؤتمر سيدر لدعم الاقتصاد اللبناني، مما سيوفر سيولة نقدية في البلاد، ولكن الكثير من اللبنانيين يتساءلون عن مصير المليارات التي حصل عليها لبنان في مؤتمرات باريس ١ و٢ و٣ لدعم لبنان، مؤكدين أن الفساد ابتلعها، في كافة الأحوال تظل هذه الأمور التي يلوح بها الحريري مجرد قرص لتهدئة الصداع لمصاب بمرض خطير، ولن تشكل حلا لأزمة لبنان الاقتصادية.

سياسيا، يبدو أن خلاف النخبة يتمحور حول الخيار بين حكومة تكنوقراط يريدها الحريري وحكومة سياسية يصمم عليها حزب الله، الذي يرى في خيار رئيس الحكومة السابق محاولة لاستبعاده من مركز اتخاذ القرار، إرضاء لبلدان الخليج، وعندما يتحدث الرئيس عون عن حكومة مختلطة تكنوقراط وسياسية في آن واحد، مما يعني، عمليا، حكومة سياسية ذلك إن الوزراء التكنوقراط لا يمكن أن يرجحوا الكفة أمام وزراء سياسيين مسلحين بأحزابهم.

كل هذا الجدل، المحصور في المنطق ذاته الذي أنتج الحكومات السابقة، يكشف عمق الفجوة القائمة حاليا بين الشارع اللبناني ونخبته السياسية، ومدى عجز هذه النخبة عن طرح تصورات تجد صدى في الشارع، بل والعجز عن مجرد الحوار مع هذا الشارع، والذي جسده الرئيس بدعوة من لا يتحدثون لغته للرحيل عن البلاد.

ويجب ألا نظلم الرجل، فإذا كان أول رئيس عربي يطالب علنا برحيل الرافضين لنظامه عن البلاد، فإن هذه الدعوات تتكرر في العديد من البلدان العربية الأخرى، ولكن عبر أجهزة الإعلام والنخبة المؤيدة لأنظمة تلك البلدان، بل ونجح بعضهم في وضع بضع الملايين من مواطنيهم المعارضين خارج الحدود.
إلا أن ميشيل عون طرح، أيضا، سؤالا جديرا بالاهتمام قائلا "هل هناك ثورة بدون زعيم؟"، وبعيدا عما يقصده الرئيس اللبناني، فإن السؤال الحقيقي والهام الذي يثيره، وماذا بعد؟
 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية