خبر وتحليل

حلف شمال الأطلسي بين غرفة الإنعاش وغرفة العمليات الجراحية

نشرت في:

 قمة متفجرة التي يعقدها الحلف الأطلسي في لندن، وأعضاء الحلف يجدون أنفسهم في حقل ألغام حقيقي، حتى أن لقاء يجمع قادة فرنسا وتركيا وألمانيا وبريطانيا يسبق انعقاد القمة لتفكيك اللغم الذي برز على السطح مع حرب التصريحات العنيفة بين باريس وأنقرة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورجب طيب أردوغان في باريس 21 اكتوبر 2018
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورجب طيب أردوغان في باريس 21 اكتوبر 2018 ( أ ف ب)
إعلان

الحلف في حالة موت سريري، وأحد الأدلة الهجوم التركي على سوريا ضد خيارات الحلفاء في هذا البلد، يقول ماكرون، وأردوغان يرد عليه بأنه هو الذي في حالة موت سريري لأنه تساءل عن وضع تركيا في الحلف.

هذه الحرب الكلامية، وبالرغم من عنفها، إلا أنها تعبر عن أزمات الحلف الأكثر عمقا، وإذا كان الكثيرون يحملون ترامب مسؤولية أزمة الأطلسي عندما وصفه بكيان مهمل ومهترئ وتساءل عن فعالية المادة الخامسة التي تقضي بنجدة الحلفاء ولوح بتخفيض المشاركة المالية الأمريكية، فإن نظيره الفرنسي ماكرون قال إنه في حالة موت سريري وتساءل، أيضا، عن فعالية المادة الخامسة ويقدم فكرته حول الدفاع الأوروبي المشترك كمعارضة للحلف، وبصرف النظر عن نوايا الرجلين فالنتيجة واحدة وهي إضعاف الأطلسي.

ولكن تركيا ـ أردوغان تشكل، أيضا، أزمة كبيرة داخل الأطلسي، فقد قامت بالفعل بالهجوم على سوريا ضد مصالح وخيارات الحلفاء، لتحارب الأكراد أي حلفاء حلفائها، وهي تهدد أعضاء الأطلسي الأوربيين بإطلاق المهاجرين واللاجئين ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية المعتقلين، عليهم، وتضع فيتو ضد خطة دفاعية لدعم دول البلطيق وبولندا، طالما لم تحصل على المزيد من الدعم لهجومها على سوريا، وتعقد اتفاقا مع حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، يدفع باليونان لطلب الدعم من حلف شمال الأطلسي، والأهم من كل ذلك، أنها تعقد صفقة لشراء صواريخ إس ٤٠٠ من روسيا، في خلاف صريح ومباشر مع الدول الأعضاء في الأطلسي.

وبالرغم من كل ما سبق فإن، حلف شمال الأطلسي يبقى أداة الدفاع المشترك الوحيدة بالنسبة للأوربيين، ومنذ غزو موسكو للقرم تم تعزيز إمكانياته بصورة كبيرة، ولكنه، وكما قال أحد المحللين، كيان قوي لا يفكر، وقد لخص ماكرون الأمر منتقدا اجتماعات الأطلسي التي يقتصر الحديث فيها على التحديات المالية والتقنية، ويغيب عنها أي حديث عن التحديات الاستراتيجية.

وعندما ننظر إلى الخلافات في تحديد ميادين وأعداء الحلف، بين والحرب ضد الإرهاب، وخصوصا في الساحل، وخطر أسلحة الدمار الشامل، وعودة التهديدات الروسية، يبدو واضحا أن أعضاء الأطلسي عاجزون عن تحديد الهدف ومصدر الخطر، وأن عمق خلافاتهم يطرح السؤال عن جدوى تحالفهم.
بكلمات أخرى، هذا الحلف الذي أنشئ لمواجهة الاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية، يعاني اليوم من غياب لأي استراتيجية واضحة، فهل هو بحاجة إلى غرفة إنعاش أم عملية جراحية صعبة.




 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية