في اليوم الخامس من إضراب السكك الحديدية ووسائل المواصلات العامة في باريس والمدن الفرنسية، ضد تغيير نظام التقاعد، أصبح واضحا أن حركة الإضراب لم تتراجع، وإنما تتجه، على ما يبدو، إلى مواجهة قاسية مع الحكومة ورئيس الدولة إيمانويل ماكرون.
الاجتماعات متواصلة في قصر الإليزيه ومقر رئاسة الحكومة بحثا عن الطرق التي تسمح بالخروج من حالة الشلل الناجمة عن الإضراب، وإن كانت بعض المؤشرات توضح أن ماكرون أدرك، وبدأ يستعد، لمواجهة حركة احتجاجية قوية، قد تطول زمنيا.
يجب القول إن عدد المتظاهرين في اليوم الأول للإضراب والذي تجاوز ٨٠٠ ألف متظاهر، وفقا لوزارة الداخلية، وتجاوز المليون ومائتي ألف وفقا للنقابات، وبصرف النظر عن الفارق في الأرقام، يشير إلى حركة احتجاجية واسعة النطاق، خصوصا وأن استطلاعات الرأي تفيد أن حوالي ٧٠٪ من الفرنسيين يدعمون أو يتعاطفون مع مطالب المضربين، ذلك إن أغلبية تخشى أن تكون النتيجة الوحيدة للنظام الجديد هي خفض رواتب التقاعد، تمهيدا للانتقال إلى نظام صناديق التقاعد الخاصة، كما امتدت الحركة لتشمل فئات أخرى تحتج منذ فترة طويلة على ظروفها الاجتماعية مثل العاملين في قطاع الصحة والمعلمين.
الواضح أن حركة الاحتجاج تتجاوز قضية تغيير نظام التقاعد، وأنها أصبحت الفرصة لفئات مهنية واجتماعية أخرى لطرح مطالبها، مثال طلاب الجامعات الذين يشتكون من تدهور مستواهم المعيشي بدرجة كبيرة.
ولا نستطيع الحديث، اليوم، عن فئة من العاملين أطلقت إضرابا ضد مشروع حكومي، فقط، ذلك إن ما يحدث الآن يأتي بعد عام كامل من المظاهرات الأسبوعية لحركة السترات الصفراء، كما أن حركة الإضراب التي تعيشها فرنسا اليوم تأتي في ختام شهور طويلة من حركة احتجاج اجتماعي قوية في صفوف العاملين في قطاع الصحة وانتشار واسع لحالة من التذمر في صفوف المعلمين، وهي الأمور التي تطورت إلى حالة من انعدام الثقة في وعود محاولات الطمأنة التي يقوم بها رئيس الحكومة ووزرائه بشأن نظام التقاعد الجديد.
وربما كان ذلك هو السبب في أن قرار التحرك، هذه المرة، جاء من قواعد النقابات وكانت القيادات مضطرة لخوض معركة تفرضها وتصمم القواعد على استمرارها .
سؤال آخر، عما إذا كان رئيس الجمهورية يمكن أن يتراجع أمام حركة واسعة النطاق، وإضراب قد يمتد حتى نهاية العام؟
المرشح ماكرون كان قد طرح تغيير نظام التقاعد كمشروع محوري لفترة رئاسته، وإذا تراجع عنه، فإن هذا يعني، عمليا، إصابة الرئاسة بحالة من الشلل السياسي عن القيام بأي مشروعات إصلاحية أخرى.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك