يعيش الرئيس الفرنسي هذه الأيام أوقاتًا سياسية عصيبة في علاقاته مع وسطه السياسي وحزب الجمهورية إلى الأمام. وكان آخر وأهم أشواط هذه المرحلة اللقاء الذي جمعه في قصر الإليزيه مع أحد المرشحين للفوز بمنصب عمدة باريس أستاذ العلوم الرياضية سيدريك فيلاني. هدف هذا اللقاء السياسي الهام هو محاولة من الرئيس إقناع هذه الشخصية بالانسحاب من السباق الانتخابي لصالح المرشح الرسمي لحزب الجمهورية إلى الإمام بنجامين كريفو الناطق الرسمي السابق باسم الحكومة.
إيمانويل ماكرون فشل في هذه المهمة. والدليل ان سيدرك فيلاني لم يسحب ترشيحه وخرج إلى الإعلام بتصريحات قوية تؤكد تمسكه بخياراته السياسية ... ما أرغم حزب الجمهورية إلى الأمام إلى مباشرة مسطرة إقصائه. وأجمع المراقبون على اعتبار هذا الفشل الرئاسي بمثابة ضربة لمصداقية ماكرون التي أظهرت ضعف تأثيره على موازين القوي لدى أقرب الأوساط السياسية الداعمة له. هذا الفشل مستندًا على نتائج استطلاعات رأي تظهر أن مرشح ماكرون قد يمنى بهزيمة في هذه الانتخابات أمام الاشتراكية عمدة باريس الحالية آن هيدالكو.
وتمنح الأوساط السياسية الفرنسية أهمية رمزية كبيرة لمعركة باريس الانتخابية. فهي طوال عقود كانت تشكل مسرح صراع سياسي مثير بين مختلف القوى السياسية والحزب الفائز بمدينة باريس يقوي تقليديا حظوظه ببسط نفوذه بزخم كبير على مناطق أخرى. الرئيس ماكرون استبق هذه الهزيمة المُحتملة بالتأكيد في رسائل سياسية عدة بأن هذه الانتخابات البلدية التي ستعقد في شهر مارس المقبل لن يكون لها مغزى وطني وأنها أبعادها وتداعياتها تقتصر على أدارة الشؤون المحلية. وقد أصر الرئيس ماكرون على التأكيد بشكل قوي وواضح بإن اي نتائج لهذه الانتخابات لن ترغمه على إجراء تعديلات وزارية أو تغيير في رئاسة الحكومة.
لكن معركة باريس تضع ماكرون في وضع حرج وتكشف بعض نقاط ضعفه. والتوقيت الذي انفجرت فيه تساهم في طرح عدة تساؤلات حول قدرته على إقناع الفرنسيين أولا بخياراته الإصلاحية وثانيا بمنحه ثقة لولاية ثانية. منافسته الأولى أيقونة اليمين المتطرف مارين لوبين أعلنت عن ترشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة وهي الان تحشد الدعم الإعلامي والسياسي لتكسير ما يعرف بسقف الزجاج الذي كان دائما يقف سدا منيعا أمام تمدد حزبها. أما على يسار الخريطة السياسية فقد عادت إلى الوجود سيكولين رويال التي استقالت من منصبها كسفيرة لتنخرط في المعركة السياسية. وهي تريد أن تستغل مخزون أصوات الفرنسيين الذين لا يريدون تجديد الثقة لإيمانويل ماكرون عقابًا له على سياسته الاقتصادية والاجتماعية ولا يريدون في نفس الوقت وصول مارين لوبين إلى مقاليد السلطة ويبحثوا عن بديل ثالث يجنبهم تداعيات الولاية الثانية ومغامرات اليمين المتطرف.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك