هل يكون فيروس كورونا منعرجا لوضع استراتيجية عالمية ناجعة للتصدي لتجارة الحيوانات المهددة بالانقراض؟
نشرت في:
استمع
إذا كان فيروس كورونا المستجد يُنظر إليه بوصفه شرا مستطيرا في العالم كله، فإن منظمة الأمم المتحدة تعول عليه كثيرا لبلورة استراتيجية أفضل من تلك التي استخدمت حتى الآن للتصدي لظاهرة الاتجار بالحيوانات المهددة بالانقراض ومنها تلك التي أصبحت جزءا من وجبات كثير من سكان جنوب شرقي آسيا والتي يشتبه في بعضها اليوم باعتبارها مصدر فيروس كورونا المستجد.
ومن هذه الحيوانات " البنغول " أو " أم قرفة" وهو حيوان يتغذى على النمل. وقد أفاد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير صدر عام 2019 أن الإقبال على استهلاك هذا الحيوان البري المتوحش في كل من الصين الشعبية وفيتنام جعل منه في بضع سنوات الحيوان الذي يحتل المرتبة الأولى في قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض بسبب الصيد المحظور.
وأضاف واضعو التقرير فقالوا إن قرابة مليون بنغول تم قتلها خلال العقد الأخير بهدف الاتجار بها بشكل غير مشروع وإن تزايد الإقبال على استهلاك هذا الحيوان لاسيما في الصين وفيتنام وبعض بلدان جنوب شرقي آسيا الأخرى جعل مهربيه يبحثون عنه في كل القارات ولاسيما في إفريقيا. بل إن 50 في المائة من كميات لحوم هذا الحيوان ومنتجاته الأخرى والتي يتم استيرادها من الصين تمر اليوم عبر تايلاند.
والواقع أن الاتجار بالحيوانات المهددة بالانقراض يدر على أصحابه كل عام أكثر من 23 مليار دولار حسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة. ومع ذلك فإن غالبية تقارير المنظمات الأهلية التي تعنى بالموضوع تخلص إلى أن أرباح هذا النشاط غير المشروع تقدر بضعف هذا المبلغ كل سنة وأنه يشكل رابع نشاط محظور يدر على متعاطيه أموالا طائلة بعد الاتجار بالمخدرات والاتجار بالبشر والاتجار بالأسلحة.
وتؤكد هذه التقارير أن البلدان الأوروبية تُستخدم اليوم ممرا أساسيا لتوزيع منتجات هذا " البزنس" عبر مناطق العالم الأخرى ولاسيما القارة الآسيوية وشمال القارة الأمريكية. وتأتي الأسواق الصينية والأمريكية تباعا في المرتبتين الأولى والثانية في مجال اقتناء هذه المنتجات.
ومن أهم المواد المتأتية من الحيوانات المهددة بالانقراض والتي تباع عبر مسالك هذا " البزنس" في السوق الصينية، زعانف القروش وعاج الفيلة وقرون حيوان الكركدن. أما الزعانف، فهي تقطع من القروش ويصنع منها حساء يقبل عليه الموسرون الذين يقولون إنهم يسعون عبره إلى الحفاظ على بعض التقاليد الصينية القديمة.
الملاحظ أن غالبية القروش التي تقطع منها زعانفها وهي حية يلقى بها مجددا في البحر، فتتألم كثيرا وتصبح عاجزة عن التنقل والبحث عن غذاء مما يتسبب في هلاكها بسرعة.
وأما عاج الفيلة، فتصنع منه قطع الحلي النادرة. وقد بدأت نساء صينيات كثيرات موسرات يفاخرن باستبدال هذه القطع بأخرى مصنوعة من قرون الكركدن والتي يباع الكيلوغرام الواحد منها بسعر يتراوح بين 50 ألف و55 ألف دولار.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد كما ذكرنا سابقا ثاني سوق في العالم لمنتجات الحيوانات المهددة بالانقراض، ثمة إقبال متزايد على أكل بيض السلاحف البحرية ولحومها وعلى لحوم الثعابين والنمور والأسود. وتوضع هذه اللحوم في " ساندويتشات" أو تقدم إلى الزبائن مشوية وعلى أساس أنها متأتية من أسود ونمور تربى خصيصا لهذا الغرض. ولكن غالبية هذه اللحوم تأتي في الواقع من محميات طبيعية في إفريقيا أو آسيا.
وثمة اليوم أمل لدى مختلف الأجهزة التابعة للأمم المتحدة من تلك التي تُعنى بالتصدي بشكل أو بآخر للاتجار بالحيوانات المهددة بالانقراض في أن تشكل المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم-انطلاقا من الصين وبالتحديد من منطقة معروفة باستهلاك كميات كبيرة من لحوم الحيوانات المتوحشة-عاملا مهما يساعد في الحد من " بزنس" الحيوانات المهددة بالانقراض.
وقد قيل أكثر من مرة بعد تفشي هذا الفيروس إن الرئيس الصيني شي جي بينغ أصبح يعي بنفسه أن عدم اتخاذ إجراءات صارمة للحد من هذا النشاط قادر على شل الاستراتيجية الصينية الرامية إلى السماح لهذا البلد بأن يكون قاطرة العالم في مختلف المجالات.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك