ما موقع المنتجات الزراعية العربية في الأسواق غير العربية على خلفية معارك الجودة العالمية؟
نشرت في:
استمع
يشكل الحضور العربي في المعارض الزراعية الدولية اختبارا جيدا للتعرف إلى الجهود التي تم القيام بها أو تلك التي لاتزال دون المستويات المطوبة لفتح أبواب الأسواق العالمية أمام المنتجات الزراعية العربية القابلة للتصدير. والحقيقة أن معرض باريس الدولي يشكل إحدى هذه التظاهرات التي يمكن من خلالها تلمس مدى استعداد المنتجين والمسوقين العرب لاقتحام هذه الأسواق في ظل احتداد المنافسة في الأسواق على بعض المنتجات التي تصدرها على سبيل المثال بلدان الجنوب والشمال المتوسطية. وهو حال زيت الزيتون.
مونت كارلو الدولية جالت عبر أجنحة البلدان المغاربية المشاركة في المعرض الزراعي الدولي الباريسي في دورته السابعة والخمسين التي التأمت من 22 شهر فبراير-شباط إلى بداية آذار عام 2020 علما أن السلطات الفرنسية قررت إنهاء هذه الدورة قبل موعد إغلاقها بيوم واحد بسبب المخاوف من فيروس كورنا المستجد.
ولا بأس أن نشير هنا إلى أن البلدان العربية التي شاركت في هذا المعرض خلال دورة عام 2020 هي الجزائر وتونس والمغرب والسودان. وسنكتفي اليوم بالتوقف عند بعض المنتجات المغاربية التي كانت حاضرة في المعرض الزراعي الدولي الباريسي في دورته السابعة والخمسين. أما المشاركة السودانية في هذه التظاهرة، فسنتطرق إليها في الحلقة المقبلة من هذا البرنامج الأسبوعي المخصص لقضايا البيئة والتنمية. وحرصنا على ذلك لعدة أسباب منها أن هذه المشاركة تأتي في وقت يسعى خلاله سودان ما بعد الحَراك إلى تنزيل القطاع الزراعي منزلة خاصة في الدورة الاقتصادية وفي الجهود الرامية إلى تحسين أوضاع كثير من الأسر المتواضعة الدخل والتي تعيش بشكل مباشر أو غير مباشر على القطاع الزراعي وقطاع الصناعات الغذائية.
أفق واعد أمام منتجات الصحراء الجزائرية
جولتنا عبر الأجنحة المغاربية في المعرض الزراعي الدولي الباريسي في دورته السابعة والخمسين بدأناها من الجناح الجزائري الذي أصبح يتسع أكثر فأكثر منذ عام 2018. وإذا كانت الجزائر قد فرضت نفسها بقوة في معرض باريس الزراعي الدولي عام 2019 عبر منتجات شجرة الخروب، فإن من أهم منتجاتها التي عرضتها في دورتي عام 2019 و2020 تلك التي يتم إنتاجها في المناطق الصحراوية ومنها خضروات أصبحت الجزائر تصدرها بكميات متزايدة كالبطاطا مثلا. ويقول السيد قويدر مُولُوَّة الأمين العام للغرفة الفلاحية الجزائرية إن منتجات البطاطا التي يتم الحصول عليها في ولاية غرداية أصبحت اليوم من أهم المنتجات التي يقبل عليها المستهلك لا في الجزائر فحسب بل أيضا في عدد من الأسواق العالمية. ويُقر قويدر مُولوَّة بأن المنتجين الجزائريين أصبحوا يدركون جيدا أهمية السيطرة على كل العمليات المتصلة بإنتاج بطاطا ذات جودة عالية ومواصفات عالمية حتى يتسنى تسويقها خارج الحدود الجزائرية ولاسيما في الأسواق الأوروبية. وما ينطبق على منتج البطاطا يخص أيضا منتجات أخرى يتم الحصول عليها اليوم في المناطق الصحراوية الجزائرية على غرار ثوم واد سوف الذي بدأ يفرض نفسه خارج حدود هذه الولاية الجزائرية الصحراوية وخارج الحدود الجزائرية.
البطاطا وبعض منتجات الجناح الجزائري الأخرى في المعرض
تمور " دقلة نور" وزيوت الزيتون الجزائرية والتونسية
ويظل صنف " دقلة النور" من أصناف التمور الجزائرية التي تُعد بالمئات واجهةَ المعارض الزراعية الدولية التي تشارك فيها الجزائر. وقد حرص عدد من منتجي هذا الصنف من أصناف التمور في الجنوب التونسي على تجاوز المرحلة التي كان هذا المنتج يتم الحصول عليه تقريبا بواسطة الزراعة شبه العضوية واقتحام عالم نمط الزراعة العضوية الكلي. وهو مثلا حال مُجمَّع قلعة الخير للإنتاج البيولوجي والذي شارك في معرض باريس الدولي الزراعي في دورة عام 2020 بمنتجات "دقلة النور" التي تم إنتاجها بواسطة الطريقة البيولوجية عبر المواصفات العالمية. وتلقى هذه التمور اليوم إقبالا متزايدا من قبل مستهلكي المواد العضوية في البلدان الأوروبية ولاسيما في فرنسا.
ولوحظ خلال دورة عام 2020 من المعرض الزراعي الدولي الباريسي أن زيت الزيتون الجزائري قد بدأ يفرض نفسه في المعرض من خلال خصوصيات المناطق التي تزرع فيها شجرة الزيتون ومنها منطقة القبائل. وهذا المنتج أساسي بالنسبة إلى لاقتصاد الزراعي التونسي نظرا لأن تونس من كبار منتجي زيت الزيتون في العالم.
وقد أصبح منتجو زيت الزيتون التونسيون يدركون أكثر فأكثر أن التنافس على هذا المنتج في الأسواق العالمية يحتد يوما بعد آخر على أكثر من صعيد. وهو ما أكده لمونت كارلو الدولية رؤوف مغديش أحد عارضي الجناح التونسي في المعرض الزراعي الدولي الباريسي. وتجدر الإشارة إلى أن مغديش مزارع تونسي متخصص في زراعة أشجار الزيتون وعاصر زيتون ومصدر له. وحصلت زيوت من أشجار الزيتون المزروعة في شمال تونس الغربي وحملها رؤوف مغديش معه إلى معرض باريس الدولي على بعض جوائز المعرض في دورة عام 2020.وليست هذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها زيوت تونسية مزروعة في منطقة الشمال الغربي التونسي على جزائز في المعارض الدولية. ويؤكد السيد مغديش بأن معارك زيت الزيتون قد احتدت فعلا في العالم لعدة أسباب منها تزايد الإقبال عليه في البلدان التي كانت سوقه التقليدية وأسواق جديدة أهمها السوق الصينية بالإضافة إلى تزايد عدد البلدان المتخصصة في زراعة أشجار الزيتون وهو مثلا حال المملكة العربية السعودية ومصر بالنسبة إلى المنطقة العربية وبعض البلدان غير العربية التي تقع مثلا في أمريكا اللاتينية.
ومن خاصيات الجناح التونسي في الدورة السابعة للمعرض الزراعي الدولي الباريسي مشاركة مؤسسة " سوريميكس" الأسرية للعام الثاني على التوالي في هذه التظاهرة. وتُعنى المؤسسة بتصنيع منتجات الكمأة التونسية وهي عدة أصناف. وهناك قناعة لدى المشرفين على هذه المؤسسة بأن هذه المنتوجات ستلقى إقبالا متزايدا في المعارض الدولية لعدة اعتبارات منها أنها منتجات تونسية جديدة في المعارض الدولية أنه ثمة حرص شديد لديهم على بذل جهود كبيرة لجعل منتجات الكمء التونسي تستجيب لخصوصيات مذاق مستهلكي الأسواق العالمية.
الكمء والتمور في الجناح التونسي
منتجات التعاونيات الزراعية النسوية في المغرب
أما الجناح المغربي في هذا المعرض، فإنه ركز في هذه الدورة على غرار الدورات التي سبقته على منتجات التعاونيات المحلية التي تضطلع فيها النساء الريفيات بدور مهم.
ومن بين نساء التعاونيات الفلاحية المغربية اللواتي حضرن بمنتجاتهن إلى معرض باريس الدولي في دورته السابعة والخمسين فاطمة أمهري وحفيظة عروب اللتان لا تجدان أي صعوبة في تقديم شروح مفصلة عن جدوى الاهتمام بإنتاج زيوت نباتية أخرى غير زيت الزيتون في هذه التعاونيات منها زين الأركان وزيت الصبار وزيت اللوز وفتحِ أسواق جديدة لها في العالم. وتقر كلتاهما بأهمية الدور الذي قامت ولاتزال تقوم به الدولة المغربية لمساعدة التعاونيات الزراعية النسوية في عدة مجالات من أهمها تنويع مصادر الدخل عبر تنويع المنتجات واكتساب المهارات اللازمة التي تحتاج إليها عميات الإنتاج والتسويق على نحو يستجيب لمواصفات الجودة العالمية ومقاييسها على أكثر من صعيد.
حفيظة العَرُّوب رئيسة إحدى التعاونيات الزراعية النسوية المغربية
فاطمة أمهري رئيسة إحدى التعاونيات الزراعية النسوية المغربية
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك