تتزايد بصورة هائلة وتيرة شيخوخة السكان في جميع أنحاء العالم. هذا التحول في أمل العيش الآخذ بالنموّ، أُطلق العلماء عليه تعبيرا خاصا سُمّي بهرم "شيخوخة السكان". للمرة الأولى في التاريخ، تُسنح الفرصة لمعظم الناس أن يعيشوا لعمر الستين سنة وما وفوق. اليوم، يبلغ عدد من وصلت أعمارهم إلى 80 عاما فأكثر 125 مليون نسمة. وبحلول عام 2050 سيوجد عدد كهذا تقريباً في الصين وحدها، وستعيش نسبة 80% من جميع المسنّين في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
فيما يتمتع بعض من تبلغ أعمارهم 70 سنة بصحّة مقبولة وبأداء جيد إلى أبعد حد، فإنّ آخرين في سن 70 سنة يعتريهم الوهن والمرض ويحتاجون إلى مساعدة الغير بسبب مرض الخرف وسواه من الأمراض المُعيقة للحركة.
التحدّي الأكبر الذي يُواجه الباحثين في الطبّ الحديث هو الفهم الدقيق لأسباب اندلاع مرض الألزهايمر لدى كبار السنّ. متى فُهم مرض النسيان فهماً لا يقبل الشك، يتمكّن المجتمع الطبيّ من رسم سياسات توجيهية وقائية تحمينا قدر المستطاع من عبء مرض الألزهايمر في سنّ الكهولة. علما أنّ الانسان سيتّجه في مهلة قصيرة إلى العيش أكثر من مائة سنة، بعدما ناهزت نسبة المسنين المعمٍّرين لمائة سنة في العالم 316 ألف عام 2012. هذا الرقم سيكون 3,2 مليون بحلول عام 2050 على أقرب تقدير، بالاستناد إلى منظمة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة.
في سياق أعمال "مؤتمر E-tonomy التكنولوجيا في خدمة استقلالية كبار السنّ وذوي الاحتياجات الخاصة" التي دارت في التاسع والعاشر من شهر أكتوبر في مدينة Les Mureaux، طالبت محاضرة من المحاضرات بأن تتّجه الأبحاث في اهتمامها نحو كيفية الوقاية من الألزهايمر وليس نحو البحث عن العلاج، طالما أنّ إيجاد دواء شافي من الخرف ليس بالأمر السهل.
« Pathologie Alzheimer : un changement de paradigme dans la prise en charge des patients. Du « cure » au « care ».
Séverine Sabia الباحثة في علم أوبئة الشيخوخة في معهد البحوث الفرنسية أجابت في طرحها العلمي خلال هذا المؤتمر على السؤال التالي: هل يمكننا أن نتّقي شرّ ظهور اختلال العقل ؟ فكان لها هذا التعقيب الخاصّ:
"ليس مستبعدا أنه حينما يقترن نظام الغذاء الصحّي بسلوكيات نظيفة في نظام العيش العام الذي يتضمّن وقف التدخين وممارسة النشاط الفيزيائي وضبط ارتفاع الضغط الشرياني وخفض مستوى السكّر في الدم، يتمخّض عن هذه التوليفة من السلوكيات الرصينة فائدة كبيرة بمقدورها أن تخفف خطر الإصابة بالخرف.
ما بيّنته لنا الدراسات الحالية هو أنّنا حينما نكون بوزن زائد حول عمر الخمسين، إنّ خطر إصابتنا بالخرف يرتفع لاحقا مع تقدّمنا في السنّ. بالمقابل، أظهرت لنا الدراسات أنّ تقلّص الوزن المُفاجئ لدى كبار السنّ يكون علامة أولى تُنبئ باقتراب الإصابة بالألزهايمر.
لذلك، إذا لاحظنا أنّ الإنسان المتقدّم في السن بدأ يضعف ويمتنع عن ممارسة النشاط الفيزيائي ويعاني من الاكتئاب، هذه الأعراض تصبّ ضمن مجموعة كبيرة من الأعراض التي تعلن عن سير الإنسان على طريق آخذة به إلى مرض الخرف."
إزاء الضياع الذي يُهيمن على عقول الباحثين ويُعيقهم في تحديد سبب جوهري واحد يتولّد منه مرض النسيان، أعطتنا الباحثة Séverine Sabia نظرة شمولية إلام توصّلت إليه الأبحاث الأخيرة في هذا الملف الشائك، لتقول لمونت كارلو الدولية:
"لا نجد عاملا قاطعا واحدا يُسبّب الخرف، إنّما نعلم اليوم أنّ العوامل المسبّبة للألزهايمر هي متشعبّة. نسعى من خلال أبحاثنا أن نظهر كيفية تفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض، بُغية إسهامها في نموّ مرض النسيان. ما أظهرته أبحاثنا الحالية في هذا الصدد هو أنّ عوامل الخطر في المشاكل الوعائية-القلبية التي تقف وراء حصول حوادث الجلطات الدماغية يُمكنها أن تٌغذّي عوامل خطر أخرى هي التي تتسبّب بمشاكل الضياع والنسيان.
وجدنا في الأبحاث الحديثة أنّ وقاية النفس من عوامل الخطر المثيرة لأمراض وعائية-قلبية، تستطيع أن تكون من جهة أخرى أداة وقائية لتجنيبنا خطر الإصابة بالألزهايمر.
إنّ غالبية الدراسات السابقة أوحت إلينا أن الاضطرابات النفسية ومشاكل الإكتاب تستطيع أن تكون عوامل خطر أساسيّة في ظهور مرض الخرف، إنّما على ضوء نتائج دراسات المتابعة الطويلة، ظهر لنا في الفترة الأخيرة أنّ أعراض الكآبة تندلع عشر سنوات ما قبل تاريخ تشخيص مرض النسيان. أهدانا هذا الاكتشاف إلى خلاصة أن الإصابة بالإكتاب لا يُمكنها أن تكون، بأيّ شكل من الأشكال، العامل الجوهري الأساسي لبداية الخرف إنّما قد تكون إشارة مُنبئة باقتراب المرض، مثلها مثل إشارة خسارة الوزن التدريجية لدى المسنّين."
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك