عُرف عقار الكيتامين بآثاره النافعة في تذليل شدّة الاكتئاب ووقف الأفكار الانتحارية. لكن العلماء من كلية لندن الجامعية يقومون الآن بتجريب منفعته في علاج إدمان الكحول. فوفقا لنتائج دراسة نُشرت في مجلّة Nature Communications، إنّ حقنة بسيطة من الكيتامين قد تكون لها مقدرة هائلة في تقليل استهلاك كبار المدمنين لشرب الكحوليات عن طريق المساعدة في "إعادة كتابة" الذكريات التي مهّدت إلى أن يبني الشخص علاقة وطيدة مع الكحول.
في الأساس، راج عقار الكيتامين لعلاج المرضى المصابين بحالات الاكتئاب الحاد وراح يصفه العديد من الأطباء في الولايات المتحدة الأميركية. رغم أن" عقار الكيتامين يتسبّب في كثير من الأحيان بالهلوسة، أصبح مسار العلاج به شائعا أيضا في القارة الأوروبية حينما نعلم أنّ الباحثين في مسعى دائم لإيجاد أدوية صالحة لعلاج الاكتئاب الذي يصعب قهره بفضل الأدوية المتوفّرة لدى ما يقرب من ثلث الأشخاص المتضررين منه.
بسبب قدرة الكيتامين على تحرير بعض مرضى الاكتئاب من الأفكار الانتحارية في غضون ساعة، اقتنعت مجموعات كبيرة من الأطباء النفسيين بفعاليته.
يعتقد الدكتور Ravi Das، الصيدلاني-الاختصاصي في الأمراض النفسية والمؤلّف الرئيسي للدراسة البريطانية الصادرة عن كلّية لندن الجامعية، أنّ الصعوبات في إخراج المرضى من إدمان الكحول ترجع إلى حقيقة أن الذكريات الجيدة-الجميلة عن استهلاك الكحول لا تؤخذ من قبلهم في الاعتبار. وحسب المعطيات التي أفصح عنها هذا الباحث، يمكن أن يساعد الكيتامين في استهداف ذكريات مدمني الكحول في سبيل التحكّم برغبتهم في الشراب وتعديل النظرة تجاهها.
لإحراز التجارب، قام الباحثون في هذه الدراسة بتجنيد 90 شخصًا كانوا من بين البشر الذين يشربون الكحول بكميات تزيد عن المعدّل المتوسّط ولكّنهم لم يتلقّوا علاجًا لإدمان الكحول أبدًا. شاهد القسم الأولّ من المشتركين في التجارب بعض الصور المرتبطة بعالم الكحول وتلقّى الكيتامين، أمّا القسم الثاني من المشتركين فشاهد الصور نفسها لكنه تلقّى علاجًا وهميًا بينما القسم الثالث من المشتركين فتناول الكيتامين لوحده من دون مشاهدة صور عالم الكحول. بعد مضي عشرة أيام، قلّ الاستهلاك اليومي للكحول لدى المدمنين الذين خضعوا لتمارين الذاكرة ما قبل تناول الكيتامين. بعد مرور تسعة أشهر، تدنّى إلى النصف معدّل استهلاك هؤلاء للكحول.
استنادا إلى تصريحات الدكتور Das، إنّ الكيتامين يكبح بعضا من مستقبلات الدماغ التي تساعد على "الترسيخ العميق" لذكرى من قبيل ذكرى متعة الشرب. يأمل Das أن يصبح الكيتامين مأذونا باستخدامه في العلاجات الإكلينيكية لمساعدة مرضى إدمان الكحول، وذلك بعد أن تصدر نتائج تجارب أخرى تصبّ في دراسة هذا الجانب الإيجابي للكيتامين.
نشير إلى أن الكيتامين هو مادة مخدّرة ويُساعد في الأساس على إدارة وضبط الألم لدى المصابين بالحروق. ومنذ فترة طويلة، تآلف الأطباء العاملون في مجال التخدير مع الكيتامين على أنه أحد الأدوية التى تستخدم بكثرة فى تخدير الأطفال، خاصة في العمليات الجراحية الخاصة بترميم العظام بعد «الكسور وخلع الكتف». كما أنّ الأطباء العاملين في مراكز الحروق يعترفون بالكيتامين على أنّه بالفعل سريع المفعول ومقاوم لدرجات الألم.
ضيفة الحلقة زينة مكرزل، الدكتورة في التخدير وطبّ الأطفال والاختصاصية في معالجة الإدمان ورئيسة جمعية "لمسة" للوقاية من الإدمان على التبغ والكحول وحشيشة الكيف http://lamsaleb.org/
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك