تحيي الجزائر اليوم الذكرى الخمسين لاستقلالها عن الاستعمار الفرنسي الذي دام 132 عاماً، ولم يمكن الانتهاء منه إلا بثورة مسلحة بالِغة الكلفة بشرياً إذ جعلت الجزائر بلد المليون شهيد، وجعلت من فرنسا بلد العار التاريخي الذي تحاول يومياً نسيانه.
إعلان
في العيد الخمسين لا بد من النظر إلى ما تحقق سواء لتخطي المرحلة الاستعمارية أو للخروج من حال الثورة إلى حال الدولة.
كان الانتقال صعباً بل شاقاً، إذ اقتضى تأسيس كل شيء من نقطة الصفر من الجيش إلى الأمن إلى المصنع والمستشفى والمدرسة. لذلك كانت البدايات قاسية، ثم أن تسلم العسكر زمام الأمور في عهد هواري بومدين أدام تلك القسوة وضيّع فرص التوافق على الشكل الملائم للدولة والنظام.
ومع ظهور المداخيل النفطية أمكن إطلاق التصنيع وتطوير البنى التحتية وإقامة نظام للعدالة الاجتماعية، لكن على حساب الحريات العامة.
وفي عهد الشاذلي بن شديد، حصلت انتفاضة ما يُسمى" الربيع الجزائري" عام 1988 ونجحت في انتزاع الاعتراف بالتعددية وإنهاء حكم الحزب الواحد، غير أن الحكام الفعليين أي العسكر ألغوا نتائج أول انتخابات تعددية في بداية عام 1992 لأن الإسلاميين حققوا فيها فوزاً كبيراً.
ودخلت البلاد في حربٍ داخلية دامت طوال التسعينات وكلفت نحو 200 ألف ضحية، ولم تنته فصولاً حتى الآن، إذ جرّبت مرحلة عبد العزيز بوتفليقة حالياً أن تعيد تشكيل المشهد السياسي بحيث يبدو تعددياً. إلا أن" جبهة التحرير الوطني" أي الحزب الواحد سابقاً، لا يزال الحزب المهيمن باعتباره يمثل جنرالات الجيش وأجهزة الاستخبارات.
وإذ تتميز الذكرى الخمسون للاستقلال بتأكيدات مجددة بأن عدوى الربيع العربي لن تصل إلى الجزائر، إلاّ أن الإقبال المتزايد على الهجرة يعبر عن يأس الشباب من احتمالات التغيير، كما أن الإقبال المتناقص على التصويت يشير إلى أن الشعب يعتبر انتخابات أيار/ مايو الماضي التي سبقتها، مجرد مسرحية لتكريس الحكم القائم.
في الجزائر نظام يعاني من أمراض الأنظمة التي أسقطها ربيع الثورات والانتفاضات. وبالتالي فإن الهروب من استحقاقات التعددية والديمقراطية لا يمكن أن يدوم إلى ما لا نهاية.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك