اليمن لم يستقر بعد، لا تزال الصعوبات الأمنية تؤخر اكتمال الحل السياسي للأزمة، وهذا ينذر في حد ذاته بمخاطر متزايدة طالما أن البلد لم يتخلص بعد من "تنظيم القاعدة" الذي اخترق نسيجه القبلي، وطالما أنه لم يتحصّن بعد ضد مشاريع التقسيم والانفصال التي تراود بعض مجتمعاته شمالا وجنوبا.
بالأمس ضربت القاعدة في "جعّار" في عمق محافظة أبين التي طُردت منها قبل نحو شهرين. فجّر انتحاري نفسه فقتل بضع عشرات في "مجلس عزاء" لعائلة أحد قادة اللجان الشعبية التي شاركت القوات الحكومية في حملتها على جماعة "أنصار الشريعة" الفرع الخليجي لتنظيم "القاعدة".
إنها عملية انتقامية إذن وكانت متوقعة. فعناصر هذه الجماعة انتقلوا من العمل العلني إلى العمل السرّي وارتكبوا عمليات عدّة في مدن الجنوب. وكان آخرها الأسبوع الماضي في "جعّار" نفسها إذ هاجموا أحد مراكز الشرطة أي أنهم اكتشفوا الثغرات التي خلفها الجيش وراءه. فهو ترك المدينة في شبه فراغ أمني.
واعتادت السلطة ارتكاب مثل هذا الخطأ بل وتكراره، واعتادت القاعدة الاستفادة منه. فالمعركة بينها وبين السلطة لم تنته بعد وطالما أن هناك تناقضات قبلية فلن تعدم القاعدة إيجاد بيئة اجتماعية تلجأ إليها لإعادة تنظيم صفوفها وتخطيط ضرباتها.
لكن ما يساعدها أيضا هو وجود أكثر من صراع داخلي في اليمن. فالحراك الجنوبي المطالب بالانفصال يواصل نشاطه ويتلقى أموالا وأسلحة من إيران. وتمرد الحوثيين في الشمال لا يزال متأهبا وتدعمه أيضا إيران. وثمة تململ في عديد من الأوساط والمناطق يجعل هذه الصراعات متداخلة. وقد أضيف إليها أخيرا صراع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وعسكرييه مع الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي الذي يسعى إلى إعادة هيكلة الجيش بتقليص نفوذ سلفه.
وبعد الإعلان عن اكتشاف خلية تجسس إيرانية، يتأكد سعي طهران إلى جعل اليمن ساحة صراع مفتوح مع الولايات المتحدة بعدما انسحبت الأخيرة من العراق. وعبر اليمن يمكن إيران أيضا تهديد دول الخليج وإشغالها.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك