لعلّ أصحاب الفيلم المسيء للإسلام حققوا أهدافهم كليا أو جزئيا. فرغم تفاهة هذا الشريط المُدان إلا أنه شكل الشرارة لتفجير الشروخ الدينية والسياسية بين الغرب والعالم الإسلامي وتحويلها إلى أعمال عنف تعيد العلاقات بين الدول والشعوب إلى الظلمة التي هيمنت عليها غداة الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
إعلان
تبين أن أفرادا أو جماعات يعيشون في كهوف أفكارهم وتعصباتهم لا يزالون قادرين على إراقة الدماء سواء استخدموا متفجرات أو حتى مجرد أفلام.
ولعلّ أول المتضررين مما حصل هو "الربيع العربي" كروح أو كمفهوم يبدو أن جماعات الإرهاب والغوغاء تغلغلت إليه لتشوه وجهه كما سبق أن شوهت الإسلام كدين وعقيدة.
فهاهي الاحتجاجات تعيد حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" وسائر المتطرفين إلى الواجهة باعتبارهم رأس الحربة في مواجهة الغرب والولايات المتحدة . وإذا بعمليات الانتقال إلى الديمقراطية تفقد بريقها بسبب هشاشة الثقافة الديمقراطية المفترض أن تواكبها.
ونظرا إلى أن دبلوماسيين أمريكيين قتلوا في ليبيا البلد الذي ساعدته أمريكا على التخلص من النظام الاستبدادي، كان من الطبيعي أن تتصاعد الشكوك في واشنطن فتعيدها إلى الحذر وإلى منطق العين بالعين خصوصا أن الأحداث انعكست على المعركة الانتخابية وأججت المزايدات حول ضرورة استخدام القوة وإعادة النظر في سياسات باراك أوباما الناعمة.
وفيما كان لافتا أن النقض الوحيد الواضح والمباشر لعنف الاحتجاجات جاء من مفتي السعودية، وأن الجماعة الإسلامية الوحيدة التي تراجعت عن المشاركة في الاحتجاج كانت الإخوان المسلمين في مصر إلا أن جهات كهذه تخشى تكرار الإساءات لأنها تضعف موقفها إزاء متطرفين خارجين أصلا من عباءتها وخارجين اليوم عن خطوطها المهادنة.
لذلك بادر الأزهر وكذلك البرلمانان اليمني والإيراني إلى المطالبة بقانون دولي يجرّم الإساءة للأنبياء والرسل والأديان وكأنهم يعتقدون أن وجود قانون كهذا يؤمن المناعة المطلوبة أو أن الإساءة للإسلام تأتي فقط من الخارج، وإن صح ذلك فإنه لا ينفي مسؤوليات الأنظمة والحكومات في إساءة استخدام الإسلام وسيلة للحكم وأيّ حكم.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك