بعد انسحاب ممثلي القوى المدنية والكنائس المصرية الثلاث من الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور الجديد، بات الإسلاميون بأطيافهم كافة مهيمنين على هذا الاستحقاق الوطني المهم.
إعلان
ومن الواضح أن خريطة القوى السياسية كما كانت في مجلس الشعب المنحل لا تزال تعطي الإخوان المسلمين والسلفيين الحجة لكتابة الدستور بالمغالبة وليس بالتوافق. والأكثر وضوحا هو سعيهم عبر النصوص الغامضة والملتبسة إلى تغيير طبيعة المجتمع والدولة بترجيح الأسلمة على مفهوم الدولة المدنية والعصرية.
ورغم أن الرئيس محمد مرسي حاول قبل أسبوعين تهدئة الخلافات فاجتمع مع المرشحين السابقين للرئاسة وقادة للأحزاب غير الدينية إلا أن المعادلة السياسية لمكونات الجمعية التأسيسية ظلت تفرض نفسها.
وكان ممثلو الكنائس وافقوا على البند المتعلق بمرجعية الشريعة الإسلامية آملين بأن تتبنى البنود الأخرى مبدأ المواطنة والاعتراف بالتعددية الثقافية التي ميزت البلاد، إلا أنهم فوجئوا بالاندفاع إلى دستور يحمل صيغة دينية .
أما القوى الأخرى المنسحبة من الجمعية فباشرت إعداد مسودتها الخاصة للدستور معتبرة أن النسخة المعتمدة في التأسيسية تسعى إلى خدمة فصيل سياسي معين من خلال منح الرئيس صلاحيات مطلقة لم تكن للرئيس السابق. وهذا ما جعل الكثيرين يقولون إن مصر تخلصت من ديكتاتور لتصنع ديكتاتورا آخر.
ويذكر أن النقاش الطويل الذي سبق التوافق على بند الشريعة ومفهوم تطبيقها لم يكن مرضيا للإسلاميين في صيغته النهائية لذلك يريدون استدراك الأمر في بنود أخرى يلحظ أحدها إقحام المجتمع في مسألة الحفاظ على الآداب العامة، ما يعني الخروج عن مرجعية القانون ومؤسسات الدولة للاعتماد على هيئات موازية.
كما أن سلوك الإسلاميين في الجمعية التأسيسية سواء بالمراوغة في الصياغات النهائية أو ببتر المناقشات وتجاهل اقتراحات القوى المدنية يدل عموما على أن الدستور لا يكتب في أجواء سليمة وتوافقية.
بديهي أن الإسلاميين يمهدون لمكوث طويل في السلطة ولذلك يسعون إلى دستور مفصل على مقاس طموحاتهم.
ثمة مأزق الآن وليس واضحا من يستطيع حسمه : الرئيس أم الأزهر أم المحكمة الدستورية ؟
الأكيد أن الدستور لن ينجز في الموعد المحدد له أي في 12 من كانون الأول / ديسمبر المقبل.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك