فرض العراق نفسه مجددا ضيفا ثقيلا على الساحة السياسية الأمريكية. ففي يوم الثلاثاء المقبل سيصدر كتاب جديد ألفه وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس. وروبرت غيتس شخصية أمريكية تحظى بالتقدير والاحترام في الولايات المتحدة وقد تقلد في عهد ستة رؤساء عدة مناصب عليا في مجال الأمن القومي الأمريكي منها بشكل خاص منصب وزير للدفاع السابق في إدارة اوباما ومنصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
في مذكراته يشن غيتس وهو جمهوري هجوما قاسيا ويوجه انتقادات جد لاذعة إلى الإدارة الأمريكية الحالية وعلى رأسها الرئيس باراك اوباما ونائبه جو بايدن خصوصا في شان الحرب في كل من أفغانستان والعراق.
ولقد انتقد غيتس بشدة سوء استراتيجيه الرئيس اوباما في العراق التي أدت إلى انسحاب القوات الأمريكية من هذا البلد. وكشف – حسب المقتطفات التي نشرتها واشنطن بوست الثلاثاء الماضي- ان وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون قالت لاوباما إنها عارضت إستراتيجية زيادة عديد القوات في العراق لأسباب سياسية صرفة أثناء معركتها في الانتخابات التمهيدية للترشح للرئاسيات عن الديمقراطيين حينذاك. كما شدد غيتس على المشكلة الخطيرة الناجمة عن الشك والحذر إزاء الجنرالات من قبل اوباما وبايدن وعدد من المسؤولين في البيت الأبيض.
ومما لا شك فيه أن ما ورد في هذه المذكرات سيلقي بظلاله الكثيفة على الحملة الانتخابية لرئاسيات عام 2016 المقبل. وذلك في وقت عاد فيه الجدل الحاد إلى الواجهة السياسية الأمريكية هذه الأيام في الملف العراقي. فأوباما الذي حقق فوزه وانتصاراته السياسية عبر الحرب الأمريكية على العراق في عهد الرئيس جورج بوش عام 2003 يجد نفسه اليوم في مستنقع عراقي.
ذلك ان ما يجري في العراق عامة وفي الفلوجة وغيرها من مدن الانبار خاصة يجد صدى رهيبا في الولايات المتحدة. فالوجود المخيف للمجاميع المقاتلة التابعة إلى تنظيم القاعدة وتقدمها في عدد من الساحات والمعارك هناك بات وقودا حيويا يحرك الهجوم السياسي للجمهوريين على فشل سياسة أوباما عبر البوابة العراقية.
وأمام تحميل الجمهوريين أوباما مسؤولية ما أسموه سقوط الفلوجة بايدي الإرهابيين. والفلوجة كما نذكر شهدت معارك طاحنة أيام الغزو الأمريكي للعراق سقط خلالها عشرات القتلى من الجنود الأمريكيين. زاد البيت الأبيض من ضغوطه على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للتوصل بسرعة إلى مصالحة مع الزعماء ومشائخ القبائل في محافظة الانبار كخطوة أولى وأساسية على طريق دحر مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام- داعش- من الفلوجة ثم من المنطقة المتاخمة للحدود مع سوريا.
وبالتزامن مع ذلك استعجلت واشنطن عمليات تسليم جيش المالكي بصواريخ هيلفاير وبطائرات استطلاع من دون طيار وغيرها من المروحيات والطائرات والمعدات الهجومية الأخرى بعد أن طلبها المالكي وتلكأت في تزويده بها. كما سرب مسؤولون عسكريون أمريكيون تقارير تفيد بان إدارة الرئيس اوباما تدرس التعجيل بتدريب جديد لقوات عراقية خاصة في بلد ثالث قد يكون الأردن على الأرجح لمساعدة المالكي في حربه ضد تنظيم القاعدة. لان في نجاح حملة المالكي العسكرية هذه نجاحا ولو نسبيا لحملة سياسية لاوباما وللديمقراطيين.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك