لاتفيا، أو ليتونيا، كانت ترغب في الالتحاق بمنطقة اليورو منذ العام 2008، ولكن الأزمة المالية العالمية أدخلتها في مرحلة قاسية جداً من التقشف وأخّرت بالتالي موعدها من العملة الأوروبية الموحدة حتى مطلع هذا العام.
من ينظر من بروكسل إلى نجاح لاتفيا بالانضمام إلى مجموعة اليورو، بعد 10 سنوات على انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، يرى فيه إنجازاً اقتصادياً حققته السلطات الليتونية على مدى السنوات الست الماضية، مستندة بذلك إلى خطط تقشفيّة تمكنت من خلالها من إصلاح أوضاعها المالية بشكل سريع وباهر، دفع بالمؤسسات الأوروبية والدولية إلى الاعتراف بنموذجية ما نجحت ريغا بإنجازه. ولكن بأي ثمن؟
الكل لاحظ قسوة برامج الانضباط المالي التي وضعتها الحكومات الليتونية المتعاقبة منذ عام 2008، والكل يعترف بالتضحيات التي قدمها المواطنون الليتونيون من أجل إعادة إصلاح أوضاعهم المالية والاقتصادية وتسديد الديون المترتبة على دولتهم لصندوق النقد الدولي وللاتحاد الأوروبي بسرعة مذهلة. والكل سجل، في ضوء ذلك، قلة الحماس وعدم الاكتراث لدى العديد من الليتونيين لموعد استبدال العملة الوطنية باليورو اعتباراً من الأول من الشهر الجاري.
إذاً، هذا ما لاحظه ويلاحظه المراقبون من بروكسل. وأما من يزور ريغا هذه الأيام فيلاحظ شيئاً آخر، وربما أهم من البعد الاقتصادي، في قرار وخيار وقبول الليتونيين باعتماد اليورو وتغيير عملتهم للمرة الرابعة في أقل من قرن واحد. فإضافة إلى تكريس مسار اندماجهم في الاتحاد الأوروبي وتعزيز مصداقيتهم المالية على الساحة العالمية، أراد القادة الليتونيون والنخبة السياسية والاقتصادية في ريغا طي صفحة ماضيهم السوفيتي بشكل نهائي وحسم مسألة انتمائهم الأوروبي بشكل لا لبس فيه. لماذا؟ لأنهم لازالوا يتخوفون من الهيمنة الروسية، مالياً واجتماعياً وغازياً، والأخطر بالنسبة إليهم هو الحضور الروسي الذي يهدد من وجهة نظرهم الهوية واللغة الليتونية من خلال الأقلية الروسية الرافضة للاندماج في المجتمع الليتوني.
اعتماد اليورو إذاً خيار جيوستراتيجي وسياسي بامتياز بالنسبة للاتفيا التي "لن يتمكن التاريخ بعد اليوم من فصلها عن أوروبا" بحسب رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك