خارطة التحرك الروسي دبلوماسيا وتجاريا تتوسع كل يوم، حتى أن نظرة سريعة إلى خطوط تحرك وزير الخارجية الروسي لافروف ترسم ملامح تلك الخارطة. اعتبارا من سوريا، وإيران، وأوكرانيا، والعراق، ومصر.
إضافة إلى خطوط التماس مع الصين، واليابان. وهي خارطة توحي بل ترسخ الاعتقاد أن روسيا اليوم بصدد بناء مناطق نفوذ جديدة على غرار مناطق النفوذ التي كانت قائمة في زمن الاتحاد السوفييتي الذي تفكك قبل ربع قرن.
فالموقف الروسي بشأن الأزمة السورية يرقى في جوانب عديدة منه إلى موقف السوفييت في بداية القرن الماضي من الأزمة الكوبية والتصادم القائم الآن في أوكرانيا بين إرادة روسية للاحتفاظ بأوكرانيا كمنطقة نفوذ وبين إرادة قوى الاحتجاج الأوكرانية الراغبة في الالتحاق بأوروبا يبرز التصلب الروسي للاحتفاظ بمناطق النفوذ حتى لو أدى ذلك لاستخدام القوة.
كما أن التقارب الروسي الإيراني والوعود الروسية ببناء مفاعل نووي آخر في بوشهر في وقت تتفاوض فيه إيران مع دول الغرب على خفض مستويات برنامجها النووي قد أفضى إلى تقارب مع العراق سجل ذروته لافروف خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد.
واغتنمت روسيا تقلب الأوضاع السياسية في مصر لتفتح ذراعيها لزعماء مصر الجدد مستقبلة الماريشال عبد الفتاح السيسي متعمدة إحاطة زيارته بترحيب خاص لا يخصص عادة إلا للحلفاء المقربين.
غير أن الهدف الروسي الأكثر لمعانا في كل هذه الخارطة هو تفوق أنبوب الغاز التي تبنيه شركة "غاز بروم" الروسية وشركة "إيني" الإيطالية على منافسه الأوروبي "نابوكو" وذلك لنقل الغاز من القوقاز وإيران إلى أوروبا بعد أن وقعت روسيا اتفاقا بهذا الشأن مع تركيا وأذربيجان.
وهذا الأنبوب الروسي هو الذي سيمر عبر المياه الإقليمية التركية وينقل الغاز من القوقاز وإيران وشمال العراق وربما إسرائيل إلى أوروبا.
وإذا ما تحكمت روسيا في منابع ونقل الغاز فستكون قد مسكت بقبضة حاسمة في رسم مناطق النفوذ في مواجهة الأقطاب المتنافسة وخاصة الاتحاد الأوروبي الذي يعمل على تنوع مصادره من الطاقة حتى لا يكون تحت رحمة روسيا.
روسيا التي كانت ترسم مناطق نفوذها في عهد الاتحاد السوفيتي المنهار بمظلة الأيدلوجية أصبحت اليوم ترسمها بالسيطرة على مصادر الطاقة ومنابعها وطرق نقلها.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك