الصورة المميزة والبارزة للوضع السوري والتي انتشرت عبر وسائل الإعلام قبل ثلاث سنوات وفي مثل هذه الأيام، كانت تمثل مجموعات من الشباب في تظاهرات سلمية تطالب بالإصلاح والحرية والديمقراطية. ولم تكد تمر بضعة أيام، حتى تحولت تلك التظاهرات إلى مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن.
وتطورت تلك المواجهات مع الأيام إلى قمع عنيف ضد المتظاهرين في محاولة من السلطات ضرب حركة الاحتجاج لقتلها في المهد. لكن التظاهرات والاحتجاجات استمرت، لأن السلطات تصرفت تجاهها بوسائل القمع القديمة وأيضا لأن جموع المحتجين تحمل ما تحمل من غبن مختزن ضد الأوضاع في البلاد.
ولم يكن في تلك الأيام، أي قبل ثلاث سنوات في ساحة الاحتجاج أي سلاح غير سلاح قوات الأمن لقمع المتظاهرين. ولم تدخل المدن والقرى والأرياف السورية أية تنظيمات مسلحة دينية متشددة. ولم تكن هناك في سوريا بؤر لتنظيمات " القاعدة " و" داعش" و" النصرة" وما شابهها. كما لم تكن في سوريا نزاعات طائفية مثلما هي طاغية الآن. ولم تكن في سوريا محاولات للفصل العرقي والمذهبي.
بل كان في تلك الأيام متظاهرون ومحتجون على مظاهر الفساد والاستبداد في جانب وفي الجانب المقابل، قوات الأمن المسلحة لإسكات صوت الاحتجاج بالقوة في إعلان واضح من السلطات رفض الحوار مع جموع المتظاهرين.
ولأن للطبيعة قوانينها، فقد أدى استخدام السلاح في مجال القمع إلى دفع البعض ثم الكثير من المحتجين إلى حمل السلاح للدفاع عن النفس ثم مع الأيام، في محاولة للحصول بالسلاح على ما لم يتم الحصول عليه بالتظاهر والاحتجاج في الشوارع.
وهكذا لم تكد تمر بضعة أشهر على انطلاق الاحتجاجات في سوريا، حتى ظهر إلى العلن سباق محموم على استخدام السلاح بين السلطة من جهة ومعارضيها من جهة أخرى.
هذا السباق شكل دعوة لأطياف العنف وحمل السلاح في الإقليم، ثم في مناطق أخرى من العالم لدخول الساحة السورية التي تحولت خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى حلبة صراع ونزاع مسلح بين جماعات وتنظيمات لا حصر لها ولا هدف لها سوى حرب ضد هذا الخصم أو ذاك تحديدا مثلما يفعل نظام الحكم. وبين هؤلاء وهذا النظام، تضاءلت حظوظ السلام وتحقيق مطالب متظاهري الأيام الأولى للاحتجاج.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك