في غياب حرب معلنة بين الولايات المتحدة و وروسيا، تبدو الأزمة في أوكرانيا المقبلة على احتمال انفصال شبه جزيرة القرم عنها في ضوء نتيجة استفتاء يوم الأحد أنموذجا مصغرا عن الأزمة السورية التي دخلت عامها الرابع ومن ورائهما الصراع الروسي الأميركي على بسط النفوذ وإعادة تقاسم المصالح على الساحة الدولية عودة إلى ما كان عليه الوضع إبان الحرب الباردة.
بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي، تفردت الولايات المتحدة بإدارة شؤون هذا العالم فطويت صفحة الحرب الباردة التي انتشرت بعد الحرب العالمية الثانية بين المعسكرين الغربي والشرقي وامتدت جغرافيا إلى كل مكان من الكرة الأرضية.
وأمام العبء المالي والبشري الذي تحملته الولايات المتحدة منذ إطلاق جورج بوش الأب مصطلح "الحرب العالمية" على الإرهاب مضافا إلى تبعات الأزمة الاقتصادية التي لا تزال تنهك الخزانة الأميركية والاقتصاد العالمي منذ العام 2008 ومعهما فشل حربي أفغانستان والعراق، بدا الرئيس الأميركي باراك أوباما عاجزا عن تحميل بلاده عبء قيادة هذا العالم مفضلا سياسة حصر النفوذ في مناطق حددتها إدارته على أنها الأكثر حيوية للولايات المتحدة .
لم يكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحاجة لذكاء ثاقب ولا لمستشارين مخضرمين لكي يفهم أن الفرصة سانحة ليستعيد الدور الذي سلب من بلاده بعد سقوط حائط برلين .
ففي سوريا أسقط فلاديمير بوتين محاولات إسقاط نظام عقد معه شراكة مصالح منذ ثلاثة عقود أمنت له نافذة بحرية على المتوسط ونفوذا سياسيا في أزمات الشرق الأوسط . وإزاء فيتو موسكو المتكرر في مجلس الأمن وردها بصواريخ على صواريخ قبالة شواطئ سوريا حين كانت الاستعدادات استكملت لشن عملية عسكرية غربية ضد نظام بشار الأسد، حركت واشنطن المعارضة في أوكرانيا وأسقطت نظاما كانت روسيا تجعل منه موطئ قدم في الشرق الأوروبي وعلى البحر الأسود وممرا للغاز.
أزمات دولية عدة صاحبت فترة الحرب الباردة منها حصار برلين بين العامين 1948 - 1949 و الحرب الكورية بين الأعوام 1950- 1953 و حرب فيتنام من العام 1959 إلى 1975 والغزو السوفييتي لأفغانستان و بخاصة أزمة الصواريخ الكوبية.
وبات واضحا أن المتنازعين الأصليين في العديد من هذه المشاهد هم القوى الخلفية، ولعل صراعهم الخفي هو السبب الرئيسي في عدم إتاحة الفرصة للوصول إلى الحلول والاستقرار سواء كانت الأزمة في سوريا أو أوكرانيا أو في مكان أخر. .
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك