الموقف الفرنسي من الأزمة السورية : من منطق التدخل العسكري إلى منطق الحل السياسي
نشرت في:
استمع
كانت فرنسا أول بلد غربي يعترف بالائتلاف الوطني السوري المعارض في نوفمبر- تشرين الثاني عام 2012. بل إن الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند ذهب إلى حد التأكيد يوم الاعتراف بالائتلاف على أنه "الطرف الوحيد الذي يمثل الشعب السوري" وينظر إليه بوصفه يجسد لاحقا "الحكومة الديمقراطية" التي كان ينتظر أن تسمح بإنهاء "نظام بشار الأسد".
وقد تمكن الرئيس الفرنسي الحالي من وراء اتخاذ موقف مماثل من تسجيل هدف ضد خصومه السياسيين في الداخل والذين كانوا يأخذون عليه في بداية عهده بالحكم عدم اتخاذ مواقف سياسية ودبلوماسية جريئة تعيد إلى فرنسا دورها الفاعل في معالجة عدد من الملفات الإقليمية الساخنة.
ولم تكتف فرنسا بالاعتراف بالائتلاف الوطني السوري المعارض. بل كانت أيضا سباقة إلى دعم أحد مطالب الائتلاف والذي كان يدعو دول الاتحاد الأوروبي لرفع حظر مبيعات الأسلحة باتجاه سوريا. وفعلا رفع الاتحاد الحظر بضغوط مورست عليه من قبل بعض دوله منها فرنسا للسماح للمعارضة بالحصول على أسلحة تساعدها على التصدي لقوات النظام السوري.
وشهد الموقف الفرنسي من الأزمة السورية نقلة نوعية في صيف عام 2013 وبالتحديد بعد الهجوم الكيميائي على الغوطة والذي أودى بحياة مئات المدنيين العزل.
فقد بدا واضحا من خلال الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي أمام السفراء الفرنسيين خلال افتتاح مؤتمرهم الدوري السنوي بباريس في أغسطس ـ آب الماضي أن فرانسوا هولاند كان مقتنعا جدا بضرورة توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري تستهدف منشئاته الحيوية وتضعفه وتسهل بالتالي سقوطه.
لم تحصل هذه الضربة التي كان مقررا أن تقودها الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا بسبب تراجع رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الأمريكي عن مبدأ المشاركة فيها لأسباب خاصة باللعبة السياسية في بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأمريكية ومصالحهما الحيوية.
أدرك الرئيس فرانسوا هولاند عندها أن الرئيس الأمريكي طعنه في الظهر بعدوله عن مشروع التدخل العسكري في سوريا لأن الإدارة الأمريكية كانت تتفاوض آنذاك منذ أشهر مع طهران في الخفاء بشأن البرنامج النووي الإيراني .
ومع ذلك ظل هولاند يردد في الخفاء والعلن أن الحزم الفرنسي تجاه النظام السوري كان سببا هاما من تلك التي تقف وراء قرار تفكيك الترسانة الكيميائية السورية من قبل مجلس الأمن الدولي في سبتمبر ـ أيلول الماضي.
والحقيقة أن معطيات جديدة طرأت مؤخرا على ملف النزاع السوري دفعت فرنسا إلى التركيز في التعاطي مع الأزمة على منطق البحث عن حل سياسي للخروج منها. ومن أهم هذه العناصر مخاوف الدول الغربية عموما وغالبية الدول العربية التي تدعم المعارضة السورية من عواقب دخول الجماعات الجهادية وتنظيم القاعدة في النزاع وحرصها على انتداب مواطنين غربيين في القتال وتحويلهم شيئا فشيئا إلى قنابل موقوتة بالنسبة إلى بلدانهم الأصلية.
وهذا ما يتضح جليا من تصريحات الرئيس ووزير الخارجية الفرنسيين يوم الخامس عشر من شهر مارس / آذار الجاري أي يوم انخراط النزاع السوري في عامه الرابع.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك