كيف سيخرج رئيس الحكومة التركية "رجب طيب أردوغان"، وكيف ستخرج تركيا من انتخابات البلدية ؟، انتخابات محلية اكتسبت أبعادا إقليمية ويعتبرها الجميع مؤشرا هاما على مستقبل التوازن السياسي للبلاد، والأهم من ذلك، على تجربة سياسية واقتصادية، اتفق الجميع على وصفها بالمثالية، حتى العام الماضي.
"إنها انتخابات الحياة أو الموت بالنسبة لأردوغان" بهذه الكلمات وصف أحد المحللين الأتراك انتخابات البلدية في تركيا، ويجب القول أن كلا الطرفين يدفع في هذا الاتجاه حيث تعتبرها المعارضة تصويتا على الثقة في رئيس الوزراء وحكومته، و"أردوغان" أراد لها أن تكون انتخابات سياسية وليست مجرد انتخابات بلدية وتميزت حملته وخطابه بطابع هجومي واستفزازي حيث دعا أنصاره لتوجيه صفعة قوية لخصومه الذين وصفهم بالجواسيس والخونة.
احتقان يعود إلى حركة الاحتجاج الشعبي القوية التي انطلقت قبل عشرة أشهر وقلبت صورة "أردوغان" وحزبه، بالإضافة إلى فضائح الفساد التي طالت شخصيات بارزة في الحكومة والحزب، بما في ذلك رئيس الحكومة شخصيا، الأمر الذي دفع بأردوغان لتصعيد المواجهة بحجب موقعي "تويتر" و"يوتوب" الذين نشرت عليهما تسجيلات تثبت تورطه في فضائح الفساد.
"من يفوز في اسطنبول يربح تركيا" عبارة أخرى لأردوغان توضح حجم المنافسة في هذه المدينة التي يصوت فيها 20 ٪ من الناخبين، وإذا كان من المستبعد أن يواجه حزب العدالة والتنمية هزيمة نهائية على مستوى البلاد ويرجح المراقبون حصوله على أغلبية ليست مطلقة، فإن معايير الهزيمة بالنسبة لرئيس الحكومة تتعلق بالنسبة التي سيحققها ومدى اقترابها من 50 ٪ من أصوات الناخبين، ذلك إن تحقيقه لفوز كبير ـ وإن كان أمرا مستبعدا ـ يمكن أن يدفعه للترشح في الانتخابات الرئاسية التي ستجري بالاقتراع المباشر، للمرة الأولى، في أغسطس / آب المقبل، بينما يتحدث البعض في حال تقلص الفارق بين حزب العدالة والتنمية والمعارضة عن احتمال انتخابات تشريعية مبكرة، وفي الحالتين، فإنه من المؤكد أن الصراع سيستمر ولكن في إطار ديمقراطية مستقرة.
ويشير البعض إلى تصريحات عدة صدرت عن رئيس الدولة "عبد الله غول" تكشف عن خلاف في وجهات النظر بينه وبين رئيس حكومته، إلا أن الرئيس لم يمتنع حتى الآن عن التصديق على كافة قرارات "أردوغان"، بما في ذلك القرارات التي أثارت موجات استنكار محلية ودولية.
في نهاية الأمر، وأيا كانت النتيجة فإن تركيا اليوم تختلف كثيرا عن تركيا العام الماضي، والصورة المثالية التي ساهم الجميع، شرقا وغربا، في رسمها لديمقراطية حديثة يقودها الإسلاميون وتدق أبواب أوروبا، هذه الصورة تغيرت كثيرا.
والسؤال الذي طرحته التطورات الأخيرة في مصر عن قدرة الإسلام السياسي على قيادة الدول، يعاد طرحه اليوم، ولكن بشأن التجربة (المثالية) في تركيا.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك