في أعقاب الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت قبل أيام في فرنسا، تمكن مواطن فرنسي من أصل مغاربي يدعى عز الدين الطيبي من الفوز في مدينة "ستان" الواقعة في ضواحي العاصمة الفرنسية الشمالية . ويعد هذا الانتصار حدثا لديه دلالات كبيرة في سجلات الفرنسيين من أصل عربي.
فهذه المدينة التي يسكنها خليط من المهاجرين والفرنسيين الذين ولدوا وترعرعوا في البلاد منذ قرن أو أكثر أو الفرنسيين الذين حصلوا على الجنسية الفرنسية بعد أن كانوا مهاجرين. ويبلغ سكان هذه المدينة خمسة وثلاثين ألف شخص . وقد أدرجت المدينة خلال العقود الأخيرة في قائمة مدن الضواحي الساخنة التي نما فيها حزب " الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف بسبب احتداد أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وعدم عناية السلطات الوطنية والإقليمية بما فيه الكفاية بسكانها الفرنسيين وغير الفرنسيين.
وصحيح أن الحزب اليميني المتطرف تمكن في أعقاب الانتخابات البلدية الفرنسية الأخيرة من الفوز بقرابة عشر مدن . وأسهبت وسائل الإعلام الفرنسية في الحديث عن هذا الانتصار والتعليق عليه. ولكنها لن تتطرق إلى أهمية انتصار عز الدين الطيبي في مدينة "ستان" بالنسبة إلى سجلات الهجرة العربية إلى فرنسا. فهذا الرجل الذي يبلغ التاسعة والأربعين من العمر كان قد شارك في ثمانينات القرن الماضي في بلورة شعار يقول " غدا سأكون رئيسا" في إشارة إلى طلب أساسي كان أفراد الجيل الثاني من أبناء المهاجرين العرب يلحون عليه، وهو إفساح المجال أمامهم حتى يكونوا جزءا من القيادات السياسية في البلاد ولاسيما تلك التي يتم انتخابها عبر صناديق الاقتراع.
ومن يتفحص الطريقة التي تمكن من خلالها هذا الجيل من فرض هذا الطلب على صناديق الاقتراع، يهتدي بسرعة إلى أنها كانت عويصة إلى حد كبير. فقد كان الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك أول رؤساء فرنسا الذين ساهموا في تعيين وزراء من أصول عربية في بعض الحكومات اليمنية واليسارية المتعاقبة منذ عام 1995. ولكن وصول عدد من الفرنسيين من أصول عربية إلى مواقع اتخاذ القرار عبر صناديق الاقتراع على مستوى السلطة التشريعية لم يتأت إلا قبل سنتين أي في أعقاب الانتخابات التشريعية الماضية. ولم يستطيعوا الوصول إلى رئاسة المجالس البلدية قبل الثلاثين من شهر أبريل –نيسان الجاري أي قبل انتخاب عز الدين الطيبي رئيسا لبلدية " ستان" . ومن حق عمدة العمدة الجديد انطلاقا مما حصل في المدينة التي كان يعتقد أنها ستسقط بين أيدي اليمين المتطرف أن يعيد الاعتبار لشعار رفعه مع رفاقه الفرنسيين من أبناء المهاجرين العرب وصاغوه على النحو التالي : " غدا سأكون رئيسا".
لم لا؟ فالرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي من أصول أجنبية، ولكنه تمكن من الوصول إلى قصر الإليزيه. ومانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ذو الأصول الإسبانية ، يحلم بدوره بالوصول إلى هذا المكان. وعمدة عمدة باريس الجديدة فرنسية من أصل إسباني هي الأخرى. ولم يكن الكثيرون يصدقون من قبل أن تقبل باريس بمنح مفاتيح أبوابها فرنسية من أصل إسباني.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك