تابع الفرنسيون الثلاثاء باهتمام كبير خطاب السياسة العامة الذي ألقاه رئيس الحكومة الجديد مانويل فالس، وكان الجميع ينتظر النبرة التي سيستخدمها والمنطق الذي سيلجأ اليه لاستقطاب الرأي العام الفرنسي ونزع فتيل الاحتقان الذي يميز الشارع السياسي الفرنسي، وتقديم أجوبة مقنعة بعد الرسالة القوية التي بعثتها صناديق الاقتراع للرئيس فرانسوا هولاند.
إعلان
وقف الرجل امام نواب البرلمان وألقى خطابا لمدة خمسين دقيقة، كانت ميزته الأساسية الإرادة القوية التي عبر عنها عن طريق لهجة متحمسة. وامام تشجيع أصدقائه في الحزب الاشتراكي وتنديد معارضيه من اليمين، استطاع مانويل فالس ان يبلغ رسالة مفادها ان الرجل يعي تماماً حجم المسئولية التي تنتظره في مهمته كرئيس حكومة.
كانت الكلمات التي اختارها تعبّر بعمق عن وعيه بنوعية التحديات الخطيرة التي تنتظر المجتمع الفرنسي، وهو يواجه كباقي المجتمعات الاوروبية والمتوسطية تداعيات العولمة.
في الوقت الذي كان فيه مانويل فالس يخاطب ممثلي الأمة، كان الجميع يقوم بعملية ذهنية ومقارنة سياسية بين أسلوبه المتطوع والحي والهجومي، وبين أسلوب سلفه جان مارك إيرولت. وكان الفرق واضحا بين الرجلين، جان مارك إيرولت كان يتميز بمقاربة وصفها بعض خصومه بالتنويمية، لا يحسم أبدا في القضايا الاساسية ولا يستطيع تجنيد الفعاليات السياسية المساندة لحكومته، لدرجة ان أصواتا داخل الأغلبية قبل المعارضة ارتفعت للمطالبة بتغييره. وجاء مانويل بأسلوب جديد ليدخل نوعا من القطيعة مع طريقة سلفه في مخاطبة الفرنسيين.
وقد اجمع المحللون السياسيون على ان مانويل فالس احدث اختراقا واضحا على مستوى الخطاب واللغة السياسية التي خاطب بها الفرنسيين ورسم من خلالها ملامح الحقبة المقبلة.
إلاّ ان هناك من أشار ان مانويل فالس بقي داخل إطار سياسي حدده رئيس الجمهورية فرانسوا هولاند في إطار ما سمي بميثاق التنافسية والمسئولية، وقد جدد مانويل فالس التزامه بتطبيق خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس هولاند مع تعديلات طفيفة لا تغير بطريقة جذرية صلب المضمون.
وهكذا خاب أمل الذين كانوا ينتظرون نوعا من القطيعة مع السياسية التي اتبعها هولاند منذ توليه الرئاسة. وقد تضمن خطاب مانويل فالس أيضاً رسائل إلى مجموعة الخضر المتمردة ضده عن طريق التزامه بآليات الاقتصاد الأخضر ومرحلة التحول لاستخدام مصادر الطاقة، كما وجه رسائل الى يسار الحزب الاشتراكي المشكك في مشروع مانويل فالس الاقتصادي وخياراته لمعالجة أزمة البطالة.
وقد أحدث مانويل فالس إجماعاً لدى الطبقة السياسية عندما تحدث عن النموذج الفرنسي الجمهوري الذي يسمح لفرنسي من أصل اجنبي ان يتبوأ أعلى المناصب في الدولة. واستغل فالس منصة البرلمان الفرنسي لكي يجدد حبه وتعلقه بالمجتمع الفرنسي ووعده بأنه سيضحي بالغالي والنفيس من اجل خدمة مصالحه.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك