قبل أشهر، كان كثير من تونسيي الداخل والخارج متشائمين إلى حد كبير بمستقبل البلاد. ولكن توصل نواب المجلس الوطني التأسيسي إلى إقرار دستور جديد حول كثيرا من المتشائمين أو المتشائلين إلى متفائلين.
فبالرغم من الخلافات الجوهرية التي كانت قائمة بين الأحزاب السياسية التونسية في ما يخص مشروع الدستور قبل إقراره نهائيا في يناير-كانون الثاني الماضي، إلا أن هناك اليوم شبه إجماع وطني تونسي، على أنه ما كان يمكن الذهاب أكثر مما تم التوصل إليه في ما يخص السكة الدستورية التي ستقود مسار البلاد لمدة عقود طويلة. وقد بدأ نواب المجلس الوطني التأسيسي يصوغون مشروع الدستور في خصام شبه يومي، فأنهيت عملية إقرار الدستور الجديد على وقع الزغاريد. ولوحظ أن كثيرا من الخصوم السياسيين صافح بعضهم البعض الآخر بحرارة وصدق.
وإذا كان المجلس الوطني التأسيسي التونسي قد اتفق قبل أيام على مشروع القانون الانتخابي قبل البدء على المصادقة عليه فصلا بفصل، فإن ما يلح عليه كثير من تونسي الداخل والخارج اليوم، هو أن الوقت قد حان فعلا بالنسبة إلى الأحزاب السياسية والجمعيات كي تدخل في عمل يومي يتجاوز حدود الشعارات التي ترفعها والمبادئ والقيم التي تقول إنها تسير على هديها.
فهي مضطرة إلى التعامل مع المواطنين التونسيين عبر منهج جديد يأخذ في الحسبان أفقا جديدا هو الصفحة الجديدة التي ينتظر أن تفتحها الانتخابات التشريعية والرئاسية التونسية المقبلة في مراحل ما بعد الرابع عشر من شهر يناير-كانون الثاني عام 2011.
وهناك اليوم في تونس أكثر مائة حزب، من مهامها الأساسية أو على الأقل من مهام الأحزاب الكبرى فيها الاطلاع يوميا على هموم الناس عن كثب لا في المدن الكبرى فحسب بل أيضا في القرى والأرياف النائية . وهذا العمل سيساعدها على إعداد برامجها الانتخابية.
ومن مهامها الأخرى أن تعي أن العمل الحزبي لا يستقيم عبر الاكتفاء بانتقاد الخصوم وتقديم الوعود، لأنه لوحظ بعد المراحل الانتقالية الأولى، أن الناخب التونسي لم يعد يثق بالوعود ولم يعد يصدق الأحزاب التي تركض دوما وراء حروب الزعامة.
أما عمل المنظمات الأهلية التونسية الأخرى خارج إطار الأحزاب السياسية ، فقد أصبح هو الآخر هاما أكثر من أي وقت مضى، لأن الأحزاب السياسية والحكومة الحالية وتلك التي ستأتي محلها في السنوات القليلة المقبلة لن تكون قادرة بمفردها على معالجة المشاكل الكبرى المطروحة في البلاد ومنها مشكلة البطالة والمشاكل الاقتصادية والمشكلة الأمنية ومشكلة الإرهاب .
وإذا كانت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان قد ساهمت إلى حد كبير في تجنيب البلاد مأزقا سياسيا خلال الأشهر الأخيرة، فإن من مهام كل المنظمات الأهلية اليوم إشعار كل تونسي في الداخل والخارج بأنه يملك مفتاحا من مفاتيح نجاح الثورة التونسية أو فشلها عبر الانخراط في مشروع المواطنة والاستثمار فيه كل يوم والسعي إلى بلورة معالمه كل يوم.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك