المظاهرة التي قادها بعض زعماء الحركة المنتمية إلى أقصى اليسار الفرنسي في باريس يوم الثاني عشر من شهر أبريل- نيسان الجاري تشكل فعلا شوكة من أشواك هي اليوم في حلق مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي الجديد وفي حلق الرئيس الفرنسي الحالي فرانوسو هولاند.
فقد شارك في هذه المظاهرة بين خمسة وعشرين ألف ومائة ألف شخص. وسعى المتظاهرون من خلال الشعارات التي رفعوها إلى التعبير عن استيائهم من سياسة التقشف الحالية التي اعتمدتها الحكومة الفرنسية السابقة وعززتها الحكومة الجديدة.
ومن شأن هذه المظاهرة والمظاهرات المبرمجة من قبل أحزاب أقصى اليسار الفرنسي في الأشهر المقبلة إزعاج السلطة التنفيذية التي هي اليوم بين أيدي الحزب الاشتراكي. ويعزى ذلك بشكل خاص إلى الاستياء العام الذي يشعر به المواطنون الفرنسيون تجاه الاشتراكيين في مجالي السياسة الاقتصادية والاجتماعية.
وكان أقصى اليسار من قبل لا يخيف كثيرا الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي وصل إلى مقاليد الحكم عدة مرات بشكل أو بآخر طيلة العقود الثلاثة الماضية. فقوته لم تكن تتجاوز حدود الخطب النارية التي كان يلقيها بعض زعمائه ومنهم أوليفييه بوزانسونو ومن قبله أرلييت لاغوييه صاحبة العبارة الشهيرة التي كانت تبدأ بها خطبها وتقول فيها : " أيتها العاملات، أيها العمال...".
ويعزى خوف الحزب الاشتراكي الفرنسي اليوم من يسار اليسار إلى كون أقصى اليسار قادرا على الاستثمار في غضب شرائح كثيرة من الفرنسيين تتجاوز إلى حد كبير إطار الشرائح الفقيرة والمهمشة. ونجد داخل هذه الشرائح التي أصبحت مستاءة أكثر من اللزوم، عمال المصانع التي يغلق أحدها بعد الآخر بوتيرة غير معهودة والشباب الذين تسود أمامهم الأفق في سوق الشغل والموظفين والمتمسكين بنظام الرعاية الصحية وهم كثر والمتقاعدين الذين يعرفون اليوم أن معاشاتهم ستنخفض بسبب سياسة التقشف.
وما يزعج الحزب الاشتراكي أكثر، أن الغاضبين عليه من عقر داره. فقد لوحظ استياء عند عدد هام من نواب الحزب في البرلمان وفي مؤسسات الحكم المحلي المنتخبة والتي يريد مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي إصلاحها من خلال تقليص عدد منها والاستغناء عن البعض الآخر باسم الحرص على عدم هدر المال العام وعلى تحسين أداء موظفي الدولة وأعوانها.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك