إذا كان لابد من اختيار محطة واحدة من بين محطات مسار منظمة التحرير الفلسطينية التي مضت خمسة عقود على إنشائها، فهي حسب غالبية متابعي هذا المسار تلك التي تتمثل في الخطاب الذي ألقاه الزعيم الراحل ياسر عرفات يوم الثالث عشر من شهر نوفمبر- تشرين الثاني عام 1974 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في ذلك اليوم، استخدم عرفات صيغة التوكيد اللفظي لدعوة الأسرة الدولية لتحمل مسئولياتها حتى تمر منظمة التحرير الفلسطينية من مرحلة الكفاح المسلح إلى مرحلة التفاوض بهدف بلورة مشروع دولة فلسطينية مستقلة. ناشد عرفات يومها العالم كله العمل على عدم إسقاط غصن الزيتون من أيدي الشعب الفلسطيني.
الواقع أن أهم إنجاز ساعدت البندقية الفلسطينيين على تحقيقه منذ إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية في القدس يوم الثامن والعشرين من شهر مايو-أيار عام 1964 حتى عام 1974، هو الاعتراف الدولي بالثورة الفلسطينية المسلحة. ويمكن القول إن هذه الفترة قصيرة في عمر الثورات المسلحة الهادفة إلى تحرير هذا الشعب أو ذاك من نير الاحتلال والسماح له بتقرير مصيره.
لقد حصل الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية لاسيما بعد أن لجأت في سبعينات القرن الماضي إلى العنف خارج حدود فلسطين حتى تشعر الأسرة الدولية بشرعية مطالبها.
رغم أن البندقية الفلسطينية قد تحولت أحيانا خلال العقود الخمسة الماضية إلى أداة لتصفية حسابات داخلية بين القيادات الفلسطينية، فإن أوضاعها تظل عموما أفضل من حال الغصن الفلسطيني الذي ناشد الزعيم ياسر عرفات العالم مساعدته لتجنب إسقاطه. فنتاج الزيتونة التي كانت منظمة التحرير الفلسطينية ترغب في غرسها برعاية دولية لتقديم الأمن والسلام والرخاء للفلسطينيين لا يفي بحاجاتهم الدنيا ولا يستجيب حتى الآن لمطالبهم المتعلقة أساسا بالسلام والعيش الكريم.
فاتفاقيات أوسلو نصت على مبدأ قيام دولة فلسطينية مستقلة لم يتم الالتزام بها من قبل الطرف الإسرائيلي بشكل خاص والأسرة الدولية عموما. والفلسطينيون يعجبون اليوم لاستمرار شكل من أشكال الاحتلال الذي لا يزال يطالهم والحال أنه كان سائدا في القرن التاسع عشر والشطر الأول من القرن العشرين. ويعجبون أيضا لمن يطالبهم بتقديم تنازلات، فيقولون إنه من غير المنطقي أن يتنازل شعب عن حقوق تعترف بها الأسرة الدولية كلها وأهمها الحق في الحياة والإقامة في وطن آمن ودولة مستقلة.
وبالرغم من أن كثيرا من الفلسطينيين يأخذون على منظمة التحرير الفلسطينية فشلها حتى الآن بشكل جاد في الحيلولة دون جعل الخلافات الداخلية بين القيادات الفلسطينية تتحول أحيانا إلى سوس ينخر البندقية وغصن الزيتون الفلسطينيين، فإن هناك إجماعا لديهم على أن هذه المنظمة ساهمت في صهر هوية فلسطينية من أهم رموزها اليوم علم وجواز سفر فلسطينيان.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك