من الشائع القول "اطلب العلم ولو في الصين"، أما في فرنسا فالذي أصبح شائعاً الآن هو القول "اطلب الفرحة ولو من البرازيل!".
النتائج المشرفة التي يحققها منتخب فرنسا لكرة القدم في مباريات كاس العالم التي تجري في البرازيل تشكل بارقة أمل نادرة في الجو الفرنسي المحتقن بأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية حادة لم تعرفها فرنسا منذ عدة عقود !
على الصعيد السياسي انخفضت شعبية الرئيس فرنسوا هولاند إلى 18 في المائة، وهي النسبة الأدنى في تاريخ الجمهورية الخامسة منذ منتصف القرن الماضي. في الانتخابات الأوروبية التي جرت نهاية الشهر الفائت فوجئت أوروبا والعالم بنتائج أهلت حزب الجبهة الوطنية الممثل لليمين القومي المتطرف احتلال المرتبة الثانية في قائمة الأحزاب الفرنسية الأكثر تمثيلا.
بالمقابل تعيش الأحزاب التقليدية أزمات داخلية غير مسبوقة وتفوح من سلوك قادتها روائح الفضائح المالية.. الفرنسيون وحدهم لم يفاجئهم حزب مارين لوبن بهذه النتيجة العالية والتاريخية، لقد كانوا يتوقعونها بعد أن تراجعت ثقتهم بالأحزاب السياسية التقليدية يمينا ويسارا والتي يتهمونها بإتباع سياسات متشابهة بأخطائها وما يجمعها هو التنافس على اقتسام كعكة الحكم.
على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لا يبدو المشهد أكثر ونقاء وإشراقا.. فحين تصل نسبة البطالة إلى حدود العشرة بالمائة ويتجاوز عدد العاطلين عن العمل عتبة الخمسة ملايين وتراجع النمو إلى ما دون الواحد في المائة تكون فرنسا قد دخلت فعلا مرحلة الانكماش في الاقتصادي في وقت تعرف فيه ألمانيا وهي الجارة الأقرب نتائج ايجابية.
في المخبز المجاور لمنزلي، يمكن وصف البائعة بأنها "لا تضحك للرغيف الساخن". وجهها مكفهر باستمرار والعبارة التي تتبادلها مع الزبائن لا تتجاوز "صباح الخير" حتى ولو كان الوقت مساء!
غداة فوز المنتخب الفرنسي على نظيره البلجيكي فاجأتني ابتسامتها العريضة وبداية حديث طويل مع عدد من زبائنها يتمحور حول انجازات الفريق الأزرق.. سبحان الذي يغير ولا يتغير.. إنه المونديال، أو الكرة التي سحرت ربما بائعة الخبز فحولتها بنظري على الأقل من شمطاء إلى حسناء!
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك