فرض موضوعا انعدام الأمن العام وانعدام الأمن الغذائي نفسيهما على القمة الإفريقية العادية الثالثة والعشرين التي التأمت في عاصمة غينيا الاستوائية يومي السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر يونيو- حزيران الجاري.
وقد لاحظ كل رؤساء الدول والحكومات والخبراء الذين شاركوا في القمة أن احتداد ظاهرة انعدام الأمن العام في كثير من البلدان الإفريقية خلال السنوات الأخيرة بسبب الحروب والنزاعات والإرهاب ساهم إلى حد كبير في عرقلة النشاط الزراعي وشله أحيانا في مناطق إفريقية واسعة.
وإذا كان رؤساء الدول والحكومات قد أجمعوا في خطبهم على أنهم سيعملون جاهدين على القضاء على الجوع في القارة السمراء في غضون السنوات العشر المقبلة، فإن الخبراء يشككون كثيرا في إمكانية تحويل حماس أولي الأمر في البلدان الإفريقية إلى قرارات سياسية وإستراتيجية، نظرا لأن غالبية المشاكل التي تحول دون تحقيق الأمن الغذائي في القارة الإفريقية ستظل مطروحة برمتها إذا لم تعالج في أطر سياسات عامة واضحة المعالم ورؤية إستراتيجية دقيقة.
ينطبق ذلك مثلا على المشاكل الزراعية التي تتسبب فيها النزاعات والحروب الأهلية. وهو أيضا حال المشاكل الزراعية التي لديها علاقة بالتغيرات المناخية وانعكاساتها على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي.
يقول الخبراء الزراعيون اليوم إن إخماد نيران الحروب والنزاعات في القارة الإفريقية أمر يصعب التوصل إليه بسبب غياب إرادة سياسية قوية لدى الماسكين بزمام السلطة والذين يذكون نيران هذه الحروب والنزاعات بشكل أو بآخر لأغراض شخصية لا علاقة لها بالمصلحة العامة.
والحقيقة أن انعدام هذه الإرادة هو الذي يعطل اليوم توظيف القدرات والمهارات البشرية الإفريقية لمساعدة المزارع الإفريقي على مواجهة التحديات الكبرى التي يواجهها أي مزارع في العالم، ومنها أنه مطالب بأن ينتج أكثر بكلفة أقل ونوعية أفضل وعلى نحو يسمح له في الوقت ذاته بالمساهمة في تلبية حاجات السوق المحلية و السوق العالمية. وهو أيضا مضطر بحكم هذه التحديات إلى التسلح بالمعرفة لمواجهة ظاهرة المضاربة العالمية على المواد الأولية الزراعية ومواجهة انعكاسات التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي.
أمام حكام القارة الإفريقية خياران لا ثالث لهما هما الانخراط في وضع رؤية إستراتيجية تتسم بالشمولية وتجعل من النشاط الزراعي محرك الاقتصاد المحلي عبر سياسات عامة محكمة وعبر التعاون الثنائي والإقليمي والدولي وتجعل من المزارع شريكا أساسيا أو الاستمرار في تهميش الزراعة وتهميش صغار المزارعين، وتحويلهم شيئا فشيئا إلى وقود يغذي انتفاضات الخبز في المدن الكبرى الإفريقية التي تتسع رقعتها يوما بعد يوم لعدة أسباب من أهمها اتساع رقعة الفقر المدقع في الأرياف.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك