خلال المفاوضات الشهيرة باسم مفاوضات كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر والتي عادت بموجبها سيناء إلى السيادة المصرية، طرح الإسرائيليون على الرئيس المصري الراحل أنور السادات أن يشمل الاتفاق قطاع غزة ليكون ضمن الأراضي المستعادة باعتبار أن القطاع كان قبل حرب الأيام الستة عام سبعة وستين من القرن الماضي، تحت السيادة المصرية.
إعلان
لكن السادات رفض العرض الإسرائيلي لأنه كان مثل الإسرائيليين يدرك تماما أن قطاع غزة مسألة مركبة ومعقدة، فهو جزء من المسالة الفلسطينية ويمثل في حد ذاته مشكلة بسبب كثافته السكانية وموقعه الجغرافي، وهو ما انتبه إليه الإسرائيليون مباشرة بعد أن احتلوا القطاع وحاولوا مرارا التخلص من مسؤولية قطاع غزة دون التفريط في ما تفرضه عقيدتهم الأمنية، حتى قرر ارييل شارون الخروج من غزة ليس بسبب صواريخ القسام بقدر وزر القطاع على إسرائيل.
وخلال حروب غزة العديدة منذ عام ستة وخمسين من القرن الماضي ظلت سياسة إسرائيل تجاه غزة قائمة على عنصر واحد ووحيد وهو أمنها دون أي اعتبار للعامل السكاني، وهذه السياسة لا تزال قائمة وتشكل العمود الفقري للحصار المفروض على القطاع. غير أن غزة ليست مشكلة فقط لإسرائيل فهي أيضا مشكلة مصرية.
فالمنعطف السياسي الذي دخلته مصر قبل عام كانت غزة جزءا منه، فعلاقات الرئيس الإخواني محمد مرسي بحركة حماس تاريخية ومعروفة والمخاوف من أن يتحول الجوار السياسي بين الإخوان في مصر وحماس في غزة إلى وجود على الأرض، كانت من عوامل انعطاف الحالة المصرية العام الماضي ليعود التعامل مع غزة إلى مكاتب المخابرات المصرية واللواء محمد فريد التهامي وريث المرحوم اللواء عمر سليمان.
كما أن غزة تمثل أيضا مشكلة للمجتمع الدولي الذي لم يستطع حتى الآن بسبب تعقيدات الواقع الإقليمي، أن يجد لمساعداته الإنسانية طريقا إلى غزة واكتفى بتصريحات المواساة حفاظا على الضمير الإنساني، وهي بالدرجة الأولى مشكلة لحركة حماس التي ظنت وهي تسيطر على السلطة في قطاع غزة أنها ستمد نفوذها على كامل الأراضي الفلسطينية وتفرض على الأطراف الفلسطينية وعلى إسرائيل وعلى دول الجوار واقعا جديدا تحقق من خلاله مكاسب، فوجدت حالها وحال سكان غزة في قطيعة مع الواقع المحيط بل أصبحت حماس شريكا في الانقسام السياسي الفلسطيني الذي أضاف حملا على حمل التشتت الجغرافي للأراضي الفلسطينية، بل إن هذا الانقسام والتشتت أضاف عوامل جديدة مانعة لقيام الدولة الفلسطينية.
وبالتأكيد فان حرب غزة الحالية ليست الحل لأنها وفي أفضل الحالات ستقود إلى هدنة جديدة تبقي على الحصار وعلى الوضع كما هو وانعدام الحل ليس كما يقول شيمون بيريس انعداما للمشكلة، بل هو في نهاية الأمر إنخرام للوضع ستكون نتائجه مؤلمة للجميع.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك