تنظيم "الدولة الإسلامية" ـ داعش قرر طرد المسيحيين من مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية والتي تحتوي على كنائس يعود تاريخ بعضها إلى خمسة عشر قرنا، وذات التنظيم يقوم، في مدينة الرقة في شمال سوريا، برجم سيدتين بتهمة ارتكاب الزنا، وصلب فتيان بتهمة الإفطار خلال شهر رمضان.
يتساءل الكثيرون عن دوافع داعش للقيام بإجراءات من هذا النوع، وقد يشير البعض إلى دوافع دينية أو أيديولوجية، إن صح التعبير، ولكن السؤال يتعلق بالدوافع السياسية، خصوصا وأن عناصر التنظيم تعمدوا في الموصل، على سبيل المثال، رسم حرف النون على منازل المسيحيين إشارة لكلمة نصراني، وحرف الراء على منازل الشيعة إشارة لكلمة رافضي، وهو تصرف يضرب النفوس الأوروبية بعنف، لأنه يعيد إلى الذاكرة كيف كان النازيون يرسمون نجمة داود على منازل اليهود، قبل اعتقالهم وإرسالهم إلى معسكرات الإبادة الجماعية.
المؤكد أن هذا المنهج يصب في مصلحة فكرة استحالة تعايش الطوائف المختلفة في العراق، ويعزز مشروع تقسيم البلاد طائفيا وعرقيا.
وفي سوريا، ما هي الدوافع السياسية لأساليب قطع الرؤوس وتشويه الجثث ورجم النساء وصلب الفتيان وفظاعات أخرى كثيرة يمارسها ذات التنظيم ؟ بصرف النظر عن الإجابة، فإن هذه الممارسات تصب عمليا في مصلحة بقاء النظام القديم ومنحه شعبية كان يفتقدها.
وقد يتساءل البعض، لماذا غلب الإخوان المسلمون في مصر منهج التمكين والهيمنة ؟، مما أدى لفشل وكوارث، فتحت الأبواب واسعة لاستمرار النظام القديم دون أي تغيير في أساليبه.
قد تختلف التحليلات بين بلد وآخر، وبين فصيل متطرف وآخر أكثر اعتدالا، ولكن الصورة النهائية العامة تظل متشابهة إلى حد بعيد.
سواء كان المعلق مواطنا عاديا من بلدان الربيع العربي أو من بلدان أخرى غربية أو غير غربية، فإن المشهد البارز هو لبلدان فاشلة وعاجزة عن إدارة المجتمع وعن التواصل مع العالم الخارجي. والبعض يردد في ميادين الربيع العربي قائلا "عندما ثرنا من أجل الديمقراطية، أوصلنا قوى فاشلة وأكثر استبدادية إلى السلطة" ... فهل الهدف هو أن تقتنع شعوب الربيع العربي بأن الديمقراطية نظام لا يناسبها ؟ وأنهم .. ربما .. من طينة مختلفة عن بقية الإنسانية ؟
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك