أمام المشاهد المروعة لجثث الأطفال المهشمة في غزة وبيت لهيا وخان يونس والشجاعية ،كان من الطبيعي أن تطفو لغة المشاعر على صوت العقل وان يتغلب الإحساس بالغضب واليأس والإحباط على منطق التروي والهدوء والاعتدال ..
إعلان
من حق العرب والمسلمين في فرنسا كما في سائر دول العالم أن يتظاهروا استنكارا للقصف العنيف على غزة الذي لا يفرق بين البشر والحجر..ومن حقهم أيضا أن يتجمعوا ويتظاهروا ويرفعوا الصوت عاليا للتنديد بوقائع هذه الحرب العبثية بعد أن صدموا بالمشاهد القاسية التي تتناقلها وسائل الإعلام بالصوت والصورة ..
ولكن هل من حقهم أن ينقلوا الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين من موقعه الحقيقي كصراع بين أصحاب الأرض من الفلسطينيين وبين المحتل الإسرائيلي الحامل مشروعا استيطانيا كولونياليا ، وان يحولوه إلى صراع بين الإسلام واليهودية !
أن تصدر الحكومة الفرنسية قرارا بمنع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين تحسبا من الشعارات المعادية للسامية أو تخوفا من خروج التظاهرات عن خط سيرها واستهدافها دور عبادة يهودية، فهذه مسالة فيها نظر.
أما أن تتحول تظاهرة غير مرخصة إلى أعمال شغب وتحطيم المحال التجارية وإحراق للسيارات كما حصل في ضاحية " سارسيل "، فهو عمل مسيء لقضية الشعب الفلسطيني على أكثر من مستوى.
انه يقوض أساسا كل الجهد الذي بذل في فرنسا على امتداد عقود وسنوات لإظهار أن المشكلة الفلسطينية
هي من حيث الجوهر ناجمة عن الظلم التاريخي الذي لحق بالفلسطينيين بعد أن احتلت أرضهم وصودرت حقوقهم.
وهو أيضا وخاصة، يوجه صفعة قوية للتيارات والشخصيات الفرنسية اليهودية التي تسبح عكس التيار وتناضل لإفهام الجميع أن اليهودي كما المسلم والمسيحي وغير المؤمن من واجبه أخلاقيا الوقوف إلى جانب المظلوم ومناهضة الظالم..
باختصار، على كل مقيم في فرنسا التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس ونبذ مشاعر الكراهية من أي فئة أتت، والتقيد بقوانين الجمهورية التي تكفل للجميع حق التظاهر وإبداء الرأي ولكن بشكل سلمي وحضاري، كما أنها تعاقب وبشدة كل من يروج لمشاعر العنصرية ومعاداة السامية.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك