منذ تشرين الثاني الماضي والأزمة مفتوحة، بصورة مباشرة وغير مباشرة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بسبب أوكرانيا وحولها.
فمنذ أن رفض الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش التوقيع على اتفاق الشراكة مع بروكسل، والأوروبيون يترددون في قطع الجسور مع موسكو، على الرغم من تحول الأزمة الأوكرانية في كييف إلى حرب انفصالية في الشرق الأوكراني وبرعاية روسية. إلى أن وقعت كارثة إسقاط الطائرة الماليزية.
فحتى عشية هذه الكارثة، كان القادة الأوروبيون منقسمين في بروكسل حيال توقيت الانتقال إلى مرحلة العقوبات الاقتصادية الموجعة لروسيا، وأما السبب باللغة الدبلوماسية فهو التذرع برغبة الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة مع موسكو والرهان على تجاوب الرئيس فلاديمير بوتين مع دعوات للتعاون والمساهمة في وقف التصعيد وفي تسوية الأزمة في شرق أوكرانيا. في حين أن السبب الحقيقي هو الخوف من تداعيات مثل هذه العقوبات على بعض الاقتصاديات الوطنية الأوروبية.
إلا أن إسقاط الطائرة الماليزية قد أسقط أخيرا كل الحجج، فأحرج العواصم الأوروبية ووضع كل المسؤولين الأوروبيين أمام الحقيقة المرّة: فالضحايا هذه المرة أكثريتهم من الأوروبيين ولاسيما الهولنديين.
وعليه، فان كارثة الطائرة الماليزية في الشرق الأوكراني قد حررت العديد من المواقف الأوروبية التي كانت تكتفي حتى الآن بالدعوة إلى ضرورة توجيه رسائل قوية إلى موسكو، تتخطى حاجز الاختباء وراء العقوبات الفردية التي أثبتت عدم جدواها وفاعليتها.
مأساة الطائرة الماليزية قوّت إذن موقف المتشددين داخل الاتحاد الأوروبي إزاء موسكو، وفي طليعة هؤلاء رئيسة ليتوانيا التي لم تتردد في إدانة ما وصفته بارتهان السياسة الأوروبية لدبلوماسية "الصفقات التجارية" معتبرة أنه آن الأوان لأوروبا لكي تجرؤ على اعتماد موقف موحد في مواجهة الإرهاب - على حد تعبيرها.
وفي إدانة الرئيسة الليتوانية تصويب على صفقة سفن ميسترال الفرنسية مع موسكو، ولكن المصالح الاقتصادية والتجارية الأوروبية مع روسيا وفيها لا تقتصر على فرنسا.
و مع ذلك، فإن الأوروبيين، كل الأوروبيين، بدأوا، مرغمين، في إعداد لائحة العقوبات الاقتصادية والإستراتيجية ضد روسيا. و يبدو أن العدًّ العكسي لإقرارها قد بدأ مهما كان الثمن أوروبياً، وذلك لأن ثمن أرواح المواطنين الأوروبيين يبقى الأغلى.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك