لا حديث هذه الأيام في شوارع القاهرة وخاصة في الإحياء الشعبية، إلا عن البطاقة الذكية وهي بطاقة تنوي الحكومة توزيعها على ذوي الدخل المحدود لشراء المواد الغذائية الأساسية بأسعار مدعومة.
وبذلك تتخلص الحكومة من دعم السلع مباشرة ليذهب الدعم إلى مستحقيه عن طريق استخدام هذه البطاقة الذكية أو البطاقة التموينية، وتتخلص في ذات الوقت من حالة الاحتقان الشعبي بسبب ارتفاع الأسعار، ووفق الحكومة فان عدد السكان المشمولين بمثل هذه البطاقة بسبب دخلهم المحدود أي الفقراء، يصل إلى ثلاثة وستين مليون مصري.
وهذه البطاقة الذكية وهي ذكية لأنها تشبه البطاقات البنكية، ستطلق عنان الأسعار نحو الارتفاع دون أن يخرج الفقراء للتظاهر احتجاجا على غلاء المعيشة وفق تقدير الحكومة، ومصر ليست أول بلد عربي يطبق البطاقة التموينية.
فالعراقيون عاشروا منذ أكثر من عشرين سنة وحتى اليوم البطاقة التموينية رغم انقلاب الأوضاع السياسية والاقتصادية ألف مرة، لكن مصرهي أول بلد عربي معني ويطبق سياسة دعم السلع الأساسية، يعتمد البطاقة التموينية للفقراء ليتخلص من الدعم المباشر والعام للسلع الضرورية ويترك الباب مفتوحا لارتفاع الأسعار لغير المشمولين بالبطاقة التموينية.
ومثلما سرت هزات الربيع العربي في أكثر من بلد مهيئ للتغيير، سيسري نظام البطاقة التموينية الذكية أو غير الذكية، لتتبناه أكثر من حكومة عربية شرط أن تنجح التجربة المصرية في أن لا يؤدي طوفان ارتفاع الأسعار الذي يجتاح اغلب البلدان العربية، إلى تظاهرات شعبية وأيضا شرط أن تنجح الحكومة المصرية في تجنب موجة الاحتجاج التي تقوم أطراف عديدة وليس فقط الإخوان المسلمون، بالتحضير لها في منتصف الشهر المقبل تحديدا للاحتجاج على تدهور الطاقة الشرائية وانتشار الفقر.
البطاقة الذكية قادمة بمباركة عالية من صندوق النقد الدولي لتحل محل الدعم الحكومي للسلع الأساسية في أكثر من بلد عربي وتؤسس لنمط مجتمعي جديد ترسم حدوده وآفاقه البطاقة التموينية وتشكل مع الاقتتال الداخلي والصراعات القبلية والجماعات المتنافرة، صورة مستقبل العالم العربي.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك