مأساة مسيحيي الموصل اللاجئين حاليا في إقليم كردستان العراق، بعد قرار الدولة الإسلامية ـ داعش بطردهم من المدينة إذا رفضوا دفع الجزية أو الدخول في الإسلام، تثير ردود فعل كثيرة وجدلا كبيرا في فرنسا. وزيرا الخارجية لوران فابيوس والداخلية برنار كازنوف أصدرا بيانا مشتركا أعلنا فيه أن فرنسا مستعدة لتسهيل دخول مسيحيي الموصل إلى أراضيها وإقامتهم في إطار اللجوء السياسي، وأشار بعض المحللين إلى العلاقات التاريخية بين فرنسا ومسيحيي الشرق كدافع لاتخاذ الحكومة قرارا من هذا النوع.
ولكن إعلان الوزيرين الفرنسيين أثار تحفظ أطراف متنوعة، حتى أن الكاردينال فيليب بارباران أسقف ليون، والذي تصدى لتنظيم وقيادة تحركات التضامن مع المسيحيين في العراق، ويوجد حاليا في كردستان على رأس وفد كنسي للقاء اللاجئين المسيحيين هناك، الكاردينال فيليب بارباران دعا مسيحيي الموصل للبقاء في بلادهم، وبدا متحفظا على قرار من هذا النوع يسهل ويساهم في نزوح مسيحيي الشرق من هذه المنطقة.
تحفظ أيضا سياسيون وقوى حزبية، كان أولها حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف حيث أعلن لويس آليو النائب الأوروبي عن الحزب إن فرنسا لا تستطيع استقبال بؤس العالم كله، وهي عبارة شهيرة كان قد أطلقها، قبل عقود، رئيس الحكومة الاشتراكي الأسبق ميشيل روكار، ويستخدمها دوما معارضو الهجرة إلى فرنسا.
أيضا، طرح آخرون ممن ينتمون إلى تيارات مختلفة بين اليمين واليسار تساؤلا حول تناغم قرار من هذا النوع مع مبدأ علمانية الدولة، وهل يمكن لفرنسا أن تواجه مآسي اللاجئين والنازحين بسبب الحروب والاضطهاد في بقاع العالم المختلفة بالتمييز بينهم على أساس الدين أو العرق ؟، وإذا كانت فرنسا على استعداد لتسهيل إقامة مسيحيي العراق على أراضيها، فلماذا لا تفعل الشيء نفسه مع نازحي دارفور أو سكان غزة ضحايا القصف الإسرائيلي أو النازحين الهاربين من الاشتباكات في ليبيا ؟
يعلق البعض ساخرا، أنه من الصحيح أن فرنسا تعهدت، منذ القرون الوسطى، وعبر اتفاقيات رسمية بين فرانسوا الأول والباب العالي في اسطنبول بحماية مسيحيي الشرق، إلا أن ما كان يدور في ذهن ملك فرنسا، في ذلك العهد، هو حماية مسيحيي الشرق في منازلهم وعلى أراضيهم وليس الإتيان بهم إلى فرنسا.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك