في عز أزمة اللاجئين الذين يتدفقون على بلدان الاتحاد الأوروبي عبر البوابة البلقانية والليبية، ارتفعت أصوات اليوم تتحدث عن الخطر الذي أصبح يهدد اتفاقية شينغن الأوروبية التي تنظم حرية تحرك الأشخاص والبضائع داخل الفضاء الأوروبي والتي تعد من أهم ركائز البيت الأوروبي الموحد.
إعلان
عندما تبنت أصوات حزبية فرنسية هذا الطرح مثل زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبين أو بعض قياديي أحزاب المعارضة اليمينية من حزب "الجمهوريون" قيل وقتها إن هذه الفعاليات الحزبية تحاول استثمار أزمة اللاجئين وحقدها الدفين لروح أوروبا الموحدة لكي تحقق أجندتها الداخلية .
محللون سياسيون أكدوا مرارا أن هذه المواقف تدخل في إطار المزايدات الانتخابية الداخلية وتتنبأ بعضهم أن هذه الكلام ستمحوه نهاية الحقبة الانتخابية وعودة الأمور إلى مجاريها الطبيعية...
لكن عندما جاءت التهديدات على لسان المستشارة الألمانية انغيلا ميركل تسبب ذلك في زلزال إعلامي و صدمة كبيرة . إنها ألمانيا اكبر قوة اقتصادية أوروبية ومحرك أوروبا وقلبها الاقتصادي النابض تتحدث عن احتمال إعادة النظر في اكبر اختراق حققه الأوروبيون قبل التوصل إلى العملة الموحدة وهو إقامة فضاء تنقل حر للأفراد والبضائع...
التهديد الألماني فاجأ بحدة لهجة وبواقعيته ...إذا لم تستطع دول الاتحاد الأوروبي بلورة سياسية استقبال مشتركة للمهاجرين وتوزيع عادل لعبئهم الاقتصادي والإنساني فان ألمانيا التي كسرت أرقاما قياسيا في استقبال اللاجئين ستضطر إلى إعادة النظر في إنقاذية شينغن.
أهمية هذا الموقف الألماني تكمن قي انعكاساته المُحتملة على الرأي العام الأوروبي...فهو يكشف ارتباكا أوروبيًا في التعامل مع هذه الظاهرة التي أصبحت تشكل خطرا داهما على توازناته الاجتماعية والأمنية ...والتهديد بالعودة على الحدود الوطنية ما قبل اتفاقية شينغن من شأنه أن يمنح زخما لكل الحركات السياسية المشككة في وحدة البيت الأوروبي والداعية إلى التخلي عن رموز السيادة الأوروبية والعودة إلى المربع الوطني الضيق...وهو موقف من شانه أيضا أن يشجع الحركات المتطرفة يمينية أو يسارية والمشككة في جدوى مؤسسات الاتحاد الأوروبي انطلاقا من المفوضية مرورا بالبرلمان الأوروبي و كل إدارات الاتحاد المتهمة بإصدار قرارات بيروقراطية بعيدة عن واقع المواطن الأوروبي وهمومه اليومية.
هناك تحد كبير ينتظر دول الاتحاد الأوروبي. فباسم احترام الحقوق المدنية الكونية كما قالت انغيلا ميركل يتوجب على هذه الدول التوصل إلى صياغة مقاربة مشتركة وعادلة لاستقبال موجات اللاجئين الهاربين من ويلات الحروب ويمر ذلك أيضا عبر إعادة النظر في اتفاقية دبلن الشهيرة التي تضع بلد الدخول للمهاجر أمام مسئولية اقتصادية وأمنية اتجاهه وتجعل العبء عليه أتقل في مواجهة مختلف التحديات التي تنتج على عملية الاستقبال ...
إشكالية الهجرة إذن تؤرق القيادات الأوروبية و تهدد كيانهم بشكل لم سبيل له مثيل منذ إطلاق عملية بناء البيت الأوروبي الموحد..
أزمة اللاجئين تهدد اتفاقية شينغن
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك