ليس المقترح التركي الأخير الداعي لإقامة منطقة عازلة داخل التراب السوري على الحدود التركية السورية مشروعا جديدا. ويهدف المشروع في صيغته الجديدة إلى إيواء اللاجئين السوريين وبخاصة سكان مدينة كوباني أو "عين العرب" والمناطق المجاورة لها. وكانت تركيا تدعو في العلن والخفاء لتنفيذ مشروع مماثل بهدف احتواء تدفق اللاجئين السوريين إليها بأعداد كبيرة.
إعلان
وبالرغم من أن السلطات التركية سهلت خلال السنتين الماضيتين دخول لاجئين سوريين إلى أراضيها من السنة والتركمان، فإنها أصبحت تعي اليوم أنها غير قادرة على تحمل عب هؤلاء اللاجئين الذين أصبحت تنظر إليهم باعتبارهم خطرا على أمنها القومي.
ويعزى إصرار السلطات التركية اليوم على إقامة منطقة عازلة على حدودها مع سوريا إلى تزايد أعداد اللاجئين الأكراد الفارين من الشمال السوري هربا من تنظيم " داعش". وترى أنقرة فيه خطرا جسيما على كل المساعي التي تبذلها منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود لما يمكن وصفه بـ "ترويض" مطامح القيادات الكردية التركية وعرقلة أي تقارب بينها وبين القيادات الكردية في سوريا.
ورغم أن فرنسا أعلنت موافقتها على مثل هذا المشروع القديم - الجديد ، فإن نقاط الهشاشة فيه متعددة ومن أهمها تلك التي تتعلق بالعوائق التقنية التي تحول دون إقامة المنطقة العازلة. فتركيا تريد أن تكون المنطقة داخل التراب السوري. ولو افترضنا جدلا أن هذا المشروع قابل سياسيا للتنفيذ، فإنه يظل صعب الإنجاز بسبب الجوانب العسكرية والأمنية والمالية فيه. فلا ننس أن إقامة منطقة عازلة لإيواء مئات الآلاف من اللاجئين أو أكثر من ذلك تتطلب إقامة منطقة حظر جوي مستمر.
وهذا يعني بدوره استخدام معدات عسكرية متطورة بشكل مستمر طالما استمرت المنطقة العازلة. وحتى لو كان ذلك ممكنا، فإنه من شأنه زيادة المخاطر الأمنية جوا وأرضا لعدة أسباب منها إمكانية حصول حوادث مع الطيران العسكري السوري أو مع طائرات النقل الجوي المدني التي تمر في أجواء المنطقة.
وأما هشاشة مشروع المنطقة العازلة من الناحية السياسية فمردها أساسا إلى أن عدد الأطراف المتحفظة عليه أو الرافضة له كثيرة. ومن أهمها الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي وروسيا التي ذكرت بأن أي مشروع مماثل ينبغي أن يمرر عبر مجلس الأمن الدولي. ولا يتصور أحد اليوم أن يقول مندوب روسيا نعم للمشروع عند عرضه على المجلس.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك