خبر وتحليل

حتى لا تكون السجون الفرنسية بؤرة للتطرف والإرهاب

نشرت في:

ما العمل للحيلولة دون تحويل السجون في عدة بلدان غربية اليوم إلى مدرسة يتلقى فيها الشباب دورات تدريبية نظرية وأحيانا عملية في مجال التطرف والتشدد اللذين يقودان إلى الإرهاب ؟

الصورة من موقع m.jactiv.ouest-France.fr
إعلان

هذا السؤال يطرح مجددا بإلحاح هذه الأيام في كندا وبلجيكا وفرنسا وبلدان غربية أخرى في ما يخص نزلاء السجون من الشباب المسلمين الذين تعتبرهم الشبكات الجهادية تلاميذ قادرين على اللجوء إلى العنف في بلدانهم وخارجها والترويج لأطروحاتها ومساعدتها على تحقيق أهدافها.
 
وفي النسخة الأخيرة من  التقارير الفرنسية حول الموضوع والتي أعدها نائب عضو في مجلس النواب الفرنسي يدعى غيوم لاريفيه ، وصف دقيق لآلية توظيف الجهاديين في السجون الفرنسية ومقترحات عملية لإضعافها والعمل على ألا تكون هذه السجون في المستقبل بؤرة للتطرف والتشدد والإرهاب.
 
ويؤكد واضع التقرير على غرار ما جاء في تقارير مماثلة سابقة أن في مسارات نزلاء السجون الفرنسية من الشباب المسلمين وعلاقتهم بسجانيهم والنزلاء الآخرين وظروف إقامتهم في السجن ما يسهل تحويلهم بسرعة وبيسر  إلى عناصر ناجعة لخدمة أهداف الشبكات الجهادية.
 
وإذا كانت التقارير السابقة حول الموضوع تشير إلى أن عدد نزلاء السجون الفرنسية من المسلمين يتراوح   بين 40 و50 في المائة، فإن التقرير الجديد يخلص إلى أن هذه النسبة قد ارتفعت إلى قرابة 60 في المائة.
 
وأيا تكن حقيقة هذه النسبة المئوية، فإن كل ما كتب حول السجون الفرنسية يلح على حقيقة موضوعية هي أن ظروف إقامة الشبان المسلمين في السجون الفرنسية ومساراتهم الشخصية قبل الوصول إلى السجن عاملان هامان من العوامل التي تجعل منهم لقمة سائغة للشبكات الجهادية.
 
فغالبية هؤلاء الشبان متهمون بارتكاب جنح.إلا أنهم يجدون أنفسهم جنبا إلى جنب داخل السجن مع متهمين بارتكاب جرائم كبرى. وكثيرا ما يوضع هؤلاء وأولئك جنبا إلى جنب في غرف تتسع الواحدة منها إلى أربعة أشخاص ولكن مساحتها لا تتجاوز تسعة أمتار مربعة وتفتقر إلى الحدود الدنيا من النظافة التي تشعر السجين بأنه إنسان.
 
لقد أقرت منظمات حقوقية أوروبية عديدة بأن ظروف الإقامة السيئة في السجون الفرنسية تشكل عينة ممثلة لأسوأ الظروف في السجون الأوروبية.وكثيرا ما تستغل الشبكات الجهادية ظروف الإقامة السيئة في السجون الفرنسية لمحاولة غسل أدمغة نزلائها من الشبان المسلمين عبر خطاب ديني يساعد هؤلاء السجناء في البداية على تجنب الانتحار.
 
ولكن عناصر هذه الشبكات توجه المبادئ والقيم الدينية لدى هؤلاء الشبان وجهة تخدم مصالحها وأهدافها وتقضي على مستقبل الشبان عبر تحويلهم إلى أداة طيعة وناجعة لارتكاب أعمال إرهابية.
 
والحقيقة أن واضع التقرير الفرنسي الجديد حول المسألة يرى أن إنقاذ هؤلاء الأطفال من براثن هذه الشبكات الجهادية مسألة معقدة ولكنها أصبحت اليوم ضرورية.ويمكن البدء في معالجتها عبر عدة إجراءات منها إعادة النظر رأسا على عقب في ظروف الإقامة في السجون الفرنسية. وهذا لا يعني تحويلها إلى قصور ولكن إلى أماكن تحفظ فيها كرامة السجين.
 
ومن الإجراءات الأخرى الضرورية، العمل على إيجاد وسطاء جدد بين إدارة السجون والشبان المسلمين لا تقتصر مهامهم على مساعدة هؤلاء على ممارسة شعائرهم الدينية بالنسبة إلى الحريصين على أداء هذه الشعائر بل تتجاوز ذلك على نحو يساعدهم على الانخراط في الحياة المهنية وفي إقامة علاقة جديدة مع المجتمع بعيدة بقدر الإمكان عن الصور النمطية السيئة التي يحملها كثير من هؤلاء الشبان عن المجتمع وتحملها في الوقت ذاته شرائح عديدة من المجتمع عنهم.
 
هذه الإجراءات من شأنها المساهمة في مساعدة شبان السجون الفرنسية على أن يكونوا مواطنين لديهم حقوق وعليهم  واجبات  بدل أن يستخدموا من قبل الشبكات الجهادية كخلايا إرهابية نائمة.

 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية

شاهد الحلقات الأخرى
  • Image carrée
    06/06/2023 02:43
  • Image carrée
    05/06/2023 02:33
  • Image carrée
    04/06/2023 03:07
  • Image carrée
    02/06/2023 02:47
  • Image carrée
    01/06/2023 02:42