ذكرى حزينة تمر علينا اليوم مع مرور عام كامل على قتل زميلينا من إذاعة فرنسا الدولية "جيسلين دوبون" و"كلود فيرلون" بينما كانا يقومان بعملهما في كيدال في مالي، عملية قتل متعمد استهدفت زميلينا لأنهما صحفيان.
وتنظيم "داعش" ذبح زميلينا الأمريكيين "جيمس فولي" و"ستيفن سوتلوف" أمام عدسات الكاميرا، وأصبحت سوريا أرضا محرمة على الصحفيين، بعد أن استهدفتهم كافة الأطراف، وتقتصر مصادر أخبار هذا البلد اليوم على وكالة الأنباء الرسمية، وما تنشره المعارضة من أفلام فيديو.
وأمثلة أخرى كثيرة في العراق وليبيا والخليج وإيران وروسيا وإفريقيا وفي كافة مناطق الديكتاتوريات أو النزاعات المسلحة، يستخدم الخطف والقتل من كافة الأطراف لإقصاء الصحفيين بحيث يظل الميدان خاليا لارتكاب أفظع الجرائم في صمت مطبق.
الصورة بشعة والجرائم فظيعة، إلا أن الصورة لا تقتصر على لونين، أسود مع التهديد والخطف والقتل، وأبيض مع حرية كاملة للعمل الصحفي، وإنما يغلب عليها اللون الرمادي بكافة درجاته، ففي بعض البلدان يمكن لنا الدخول ويسمح لنا بالتغطية الإخبارية، ولكن مع هامش ضيق للغاية لا يسمح بتغطية نزيهة، وفي حال تجاوز حدود هذا الهامش يواجه الصحفي السجن في إطار ترسانة أمنية وقانونية قمعية كما يحدث في بلدان مثل مصر، السودان، الجزائر وبلدان الخليج.
بل وتذهب الأمور في عدد من هذه البلدان إلى قيام إعلاميي السلطة بخلق رأي عام ضد مهنة الصحفي عموما عبر سلسلة من الاتهامات الكاذبة، وما أن يخرج الورقة والقلم أو الكاميرا أو الميكروفون حتى تحيط به النظرات المتشككة والعدائية ويمكن أن تتطور الأمور إلى تعرضه للاعتداء العنيف من قبل الجمهور العادي وبعيدا عن أجهزة القمع أو المنظمات المتطرفة الإرهابية.
وللون الرمادي درجات أخرى، قد لا تتضمن العنف أو القمع المباشر، وإنما أساليب ضغط متعددة سياسية واقتصادية، وأفظع ما يمكن أن يحدث في هذا المثال هو الرقابة الذاتية، عندما يضع الصحفي لنفسه الحدود والحواجز، إلا أننا نظل هنا في إطار ما يمكن التصدي له، في إطار مهنة تحتوي، مثلها مثل غيرها، على الصالح والطالح ... السيئ والجيد.
يبقى أن ظروف عمل الصحفي تعرضت لتغيير جذري وبعد أن كان يتمتع في الماضي بنوع من الحصانة، أصبح اليوم مستهدفا، وإذا كنا نواجه اليوم السكين على الرقبة والاغتيال والسجن بتهم وهمية، فالهدف هو إسدال ستار كثيف بينكم وبين ما يحدث في العالم.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك