يعود الرئيس الفرنسي فرنسوا هولا ند من زيارته كندا برصيد هو بأمّس الحاجة إليه على أبواب النصف الثاني من ولايته الرئاسية. لا أحد ينكر أن النصف الأول من هذه الولاية انتهى بانتكاسات متتالية: تخبط في مسيرة إطلاق عجلة الاقتصاد، تعثر في ضبط المصاريف العامة وبالتالي في خفض العجز في الموازنة، فشل في الحد من نسبة البطالة وانقسام سياسي داخل الحزب الحاكم أدى إلى استقالة الحكومة وإعادة تكليف إمانويل فالس.
والاستنتاج الذي تذهب إليه كل استطلاعات الرأي واضح :تقدم جميع المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية على فرنسوا هولا ند الذي تبدو حظوظه معدومة في الفوز بولاية ثانية في ظل المعطيات الراهنة . إزاء هذا الواقع لم يبقى أمام الرئيس ألا البحث عن انجاز ما حتى لو كان على الساحة الخارجية .
لقد نجح الرئيس الفرنسي إلى حد كبير في تحقيق نقاط خلال هذه الزيارة. حظي في الشكل باستقبال قلما حظي به رئيس أجنبي. فالروابط الثقافية واللغوية تجعل أي شخصية فرنسية تزور كندا تشعر وكأنها على أراضيها فكيف إذا كانت هذه الشخصية من حجم رئيس جمهورية فرنسي يزور البلاد للمرة الأولى منذ سبعة وعشرين عاما.
لقد كرمت مقاطعة كيبك الناطقة بالفرنسية هولا ند كأحد أبنائها ومنحته وساما هو الأعلى بين أوسمتها، يمنح للمرة الأولى لرئيس فرنسي في السلطة. صفق له وقوفا النواب والشيوخ الفدراليون بعد خطابه عن الروابط بين البلدين والمصير المشترك والتعاون المنتظر في محاربة الإرهاب الذي طاول كندا بمقتل اثنين من رجال الشرطة قبل أيام قليلة ،بعدما كان أصاب فرنسا في الماضي. فذكر هولا ند بما قام به محمد مراح في مدينة تولوز قبل ثلاث سنوات.
نجح أيضا فرنسوا هولا ند في حلحلة مشكلة التكلفة التي يتكبدها الطلاب الفرنسيين الذين يدرسون في كيبك من دون أن يتمكن من معالجة القضية في الجذور وتوصل الى اتفاق على زيادة التعاون الاقتصادي وضمن التزاما كنديا بمشروع مؤتمر المناخ الذي تستضيفه فرنسا في السنة المقبلة .
في العمل السياسي كل خطوة توظف في مردود محدد. وكل ما يأمل فيه فرنسوا هولا ند الذي سيطل على الفرنسيين مساء الخميس لتقويم حصيلة ثلاثين شهرا من عهده، أن يكون مردود الزيارة الكندية قوة دفع للنصف الثاني من عهده .يرد به الهجمة المبررة أحيانا وغير المبررة أحيانا أخرى، على حصيلة سياسته الاقتصادية والاجتماعية وإدارته لشؤون الدولة ومواطنيها ويستعيد من خلالها موقعه كقائد لعائلته السياسية المشتتة ويكبح طموحات الراغبين بوراثته منذ ألان ويرفع مستوى شعبيته فيقوي رصيده في استطلاعات الرأي التي تضعه في أواخر المرشحين المحتملين الأوفر حظا في رئاسيات العام 2017.
قد تبدو المهمة صعبة وقد تبدو زيارة لبلد أجنبي مهما كانت نتائجها غير كافية لقلب المعادلة ولكن علم السياسة لا يعرف المستحيلات والوقت كفيل بتحقيق المعجزات مع قليل من الحنكة وكثير من الحظ.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك