خبر وتحليل

سعيد عقل الشاعر الحرّ

نشرت في:

سُئل نزار قبّاني يوماً: من هو أشعر شعراء العرب في القرن العشرين؟فأجاب: "إنه سعيد عقل، إن هو يقبل؟".

فيسبوك
إعلان

حمل الصحافيّون يومها هذه الإجابة إلى شاعر "رِندلى" وطلبوا منه تعليقاً، فردّ بنفحة غروره وكبريائه المعتادة قائلا: "إني أؤيّد ردّ نزار قباني، في شقيه".

وقد فُهم من هذا الكلام بأن سعيد عقل كان يعي بأنه أشعر شعراء العرب في التاريخ المعاصر، ولكنه لم يعد يطمح إلى حمل هذا اللقب، كما لم يعد يقبل به ... لا لأنه بات ناكرا متنكراً لأجمل ما كتب، وهو بالعربية، بل لأنّ اللغة العربية، بالنسبة لسعيد عقل، باتت لغة ميتة كاليونانية أو اللاتينية القديمة، ولم تعد لغة محكية .

ولذا... صار على الشاعر أن يُجاري تطوّر الحياة، لأنّ اللغة حياة، كما كان يقول سعيد عقل في محاضراته، بالسبعينات من القرن الماضي، في معرض دفاعه عن اللغة المحكية ودعوته حتى إلى كتابتها بالأحرف الفينيقية...
ولكنّ الشعر عند سعيد عقل كان مهنة شاعر المدينة العتيقة... الشاعر الذي هو ضمير الشعب والذي يعمل بالسياسة ساهراً على احترام القيم...

ولذلك فقد اشتغل سعيد عقل بالسياسة. فكان أوّل من حذر من مخطط توطين الفلسطينيين في لبنان... ولكنّ يأسه من تعاطي السياسيين اللبنانيين والعرب والأجانب مع هذا الخطر المحدق بلبنان... جعله يقع في الخطيئة السياسية حين ثمّن إيجاباً الاجتياح الإسرائيلي لاعتقاده بأنه من أجل تخليص لبنان من الوجود الفلسطيني المسلح على أراضيه.
إلا أن سعيد عقل لا يُختصر بموقفٍ هنا وتصريح هناك. إنه كالمعلم الأصيل... كالمعلمين الأول الذين كانوا يعرفون ويدرّسون في كل شيء.

 

العِلمُ كان مسرحه الأحلى، وكان يحاضر في كليات الطبّ وفي المؤتمرات العلمية داعياً الإنسان إلى تصحيح أخطاء الخالق في الجسم البشري.

وأما الفلسفة واللاهوت فكانتا نافذته الإبداعية شعراً وتعليماً... فيما التاريخ ملعباً من ملاعبه التي كان ينقل عبرها خلاصة أعمال وأبحاث كبار المؤرّخين اللبنانيين والغربيين.

كاتبٌ ومبتكرٌ للخماسيّات هو. سعيد عقل، كان يُحبّ الصَعْبَ، وحشرُ أحلى الصور وأكمل المعاني وأجمل الألحان في خماسيّة، اختصارٌ له ولتفرّده، هو الذي كتب عن الحرّية دون أن يُسمّيها... فأبدع... ورحل حرّا...

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية