في المغرب، تسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت في الأيام الأخيرة لاسيما في بعض مناطق الجنوب في فيضانات أدت إلى هلاك أكثر من أربعين شخصا. وأدى ذلك بدوره إلى إلحاق أضرار جسيمة بالطرقات وشبكة الكهرباء وقطاعات حيوية كثيرة منها القطاع الزراعي. وقد تعطلت حركة الصيد البحري في المياه القريبة من السواحل المغربية بسبب الظروف المناخية السيئة التي ترجمت مثلا عبر تشكل أمواج تجاوز ارتفاعها عشرة أمتار أحيانا.
إعلان
أما في جزر "ماديرا" البرتغالية الواقعة في شمال غربي إفريقيا، فإن التقلبات الجوية التي تمثلت أساسا في عواصف شديدة، أدت إلى تشكل أمواج تجاوز ارتفاعها أحيانا ستة عشر مترا مما تسبب في حصول أضرار كثيرة طالت المباني والمنشئات الساحلية القريبة من المحيط الأطلسي.
وفي فرنسا، شلت الحركة الاقتصادية في الأيام الأخيرة في بعض مناطق الجنوب وبخاصة في إقليم " الفار" بسبب السيول الجارفة التي سرعان ما تحولت بدورها إلى فيضانات داهمت الناس في مراقدهم وأتلفت ممتلكاتهم.وفي الجنوب الشرقي الفرنسي، تسببت التغيرات المناخية القصوى منذ بداية العام الجاري في هلاك أربعة وعشرين شخصا.
والحقيقة أن اللجنة الدولية التي تعنى بدراسة التغيرات المناخية تؤكد منذ سنوات أن المنطقة المتوسطية هي إحدى المناطق الأساسية التي ستتضرر كثيرا في العقود المقبلة جراء الظواهر المناخية القصوى من خلال السيول الجارفة والبَرَد وفترات الجفاف الحادة وارتفاع منسوب مياه البحار. وألحت مرارا عديدة على ضرورة اتخاذ الإجراءات الضرورة في بلدان المنطقة للتصدي لهذه الظواهر والتكيف مع انعكاساتها السلبية ومنها تلك التي تطال القطاع الزراعي.
وفي هذا الشأن مثلا، ذكّرت اللجنة مرارا عديدة في تقاريرها بأن منطقة دلتا النيل في مصر هي واحدة من ثلاث مناطق في العالم مهددة أكثر من غيرها بارتفاع منسوب مياه البحر بسبب التغيرات المناخية القصوى. وهذا أمر خطير لأن منطقة الدلتا تؤمن لوحدها قرابة نصف المنتجات الزراعية الأساسية في البلاد وتؤوي أكثر من ثلث السكان برغم أن مساحتها لا تتجاوز 2,5 في المائة من مساحة مصر الإجمالية.
والواقع أن الخسائر البشرية والمادية والبيئية التي تسببت فيها التقلبات المناخية القصوى في الأيام الأخيرة في عدد من بلدان المتوسط منها المغرب وفرنسا، أثبتت أن الحدود الدنيا من الإجراءات التي كان يفترض أن تتخذ للحد من انعكاساتها لم تتخذ حتى الآن. وهذا يعني أن البلدان المتوسطية الشمالية والجنوبية مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى إدراج التغيرات المناخية القصوى وانعكاساتها في أوليات كل الاستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية أي التنموية على المستوى الإقليمي والوطني والمحلي. وكلما تأخرت المنطقة المتوسطية في التحرك بهذا الاتجاه ، تفاقمت هذه الانعكاسات وتسببت في كوارث اقتصادية واجتماعية وأمنية وبيئية لا تحمد عقباها.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك