لم تُثنِ الانتقادات والاحتجاجات التي أطلقها بشكل رسمي مرشح الرئاسة التونسية المنصف المرزوقي على ما اعتبره أخطاء وتجاوزات في العملية الانتخابية التي أفضت إلى فوز منافسه الباجي قائد السبسي عن التسليم بخسارته للانتخابات الرئاسية والإعراب عن نيته إتمام عملية تسلم وتسليم المنصب الرئاسي في أسرع وقت ممكن، الثلاثاء، دون انتظار موعد الفصل في البت في طعونه بالعملية الانتخابية.
إسراع المرزوقي بإتمام تسليم منصب الرئاسة للمرشح الفائز يعكس دون أدنى شك التسامي في الممارسة السياسية وهي صفة يصعبُ إطلاقها بِيُسرٍ على رجال السياسة وإن بانت محاسنهم، لكنه في الحقيقة يعكس بشكل أدق الخوف من بلوغ التوتر الذي ساد مناطقَ عدة في تونس عقب الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات درجة الانزلاق نحو ما لا تُحمد عقباه. وله، ولنا جميعاً فيما جرى ويجري في دول عربية عدة الدليل القاطع على انبعاث هذا الخوف. دول عربية عدة تحوَّل ربيعها المنشود إلى خريف مرعب، حُبيبات ماءِ مطرِهِ قطراتُ دمٍ أو خطوطُ دماء رسمتها سكاكينُ همجيةٍ لم تكن لتخطر ببال.
أكثر من 55 بالمائة من الناخبين التونسيين اختاروا الباجي قائد السبسي رئيسا. من كان يتصور أن رجل الثمانية والثمانين عاماً، رجل عهد بورقيبة الذي أُسندت إليه وزارات الداخلية والدفاع والخارجية في ذلك العهد ورئاسة مجلس النواب التونسي في عهد زين العابدين بن علي يمكنه أن يحصل على هذه النسبة من التأييد الشعبي في بدايات ثورة الياسمين؟
اختياره اليوم ليس إلاَّ مراجعة لحساب وقائع السنوات التي تلت اندلاع هذه الثورة، لكن أيضاً مراجعة لحساب وقائع ما شهدته وتشهده ساحات عربية من انهيارات مرعبة. نعم، في مسار الثورات أيضاً حيِّزٌ للبراغماتية لم يتأخر التونسيون كثيراً في اكتشافه، حيزٌ يحمي إرادة التغيير من أن تتلاشى أمام ما ينكشف لنا من خطر التدمير.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك