اعتبر رئيس النيجر محمد يوسف ـ بعد لقائه بوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريون ـ أن التدخل الدولي أمر ضروري لتحقيق المصالحة بين كل الليبيين، وذلك غداة دعوة وجهها الوزير الفرنسي للمجتمع الدولي للتدخل في جنوب ليبيا لمنع إقامة ملاذ للجماعات الإرهابية في تلك المنطقة، أيضا، قبل ذلك بأسبوعين دعا رؤساء دول مجموعة الساحل الخمس إلى تدخل دولي في ليبيا.
سيناريو التدخل في الجنوب الليبي، على الأقل، تتبناه فرنسا والجيران الأفارقة، بينما تتحرك الأمم المتحدة في اتجاه حل سياسي وإقامة حوار وطني بين مختلف الأطراف الليبية، وهو ما تدعمه الجزائر والتي تقوم، على ما يبدو بوساطة غير معلنة بين هذه الأطراف.
السيناريو الثالث الذي ترتسم معالمه، يقوم على دعم أطراف ليبية، وتحديدا، قوات اللواء المتقاعد حفتر في المواجهة مع الإسلاميين، وهو السيناريو الذي تتبناه القاهرة بصورة شبه رسمية.
باريس تدرك مدى خطورة إقامة كيان للمجموعات الإرهابية في منطقة الساحل حيث تغيب تيارات سياسية منافسة أو قوى المجتمع المدني، وذلك على خلاف الوضع في العراق وسوريا، أي أن هذا الكيان يمكن أن يتمتع بنفوذ أقوى من نفوذ تنظيم "داعش"، وأن يضرب جذوره على طريق رئيسي لتهريب السلاح والمهاجرين في حوض البحر المتوسط محتلا جسور أوروبا مع إفريقيا. كما يشعر المسئولون الفرنسيون بضرورة أن يلعبوا الدور الرئيسي في هذه المواجهة، بعد أن طردوا المجموعات المتطرفة من شمال مالي إلى جنوب بلد لعبوا دورا كبيرا في إسقاط نظامه السابق.
ويبدو أن باريس لا تعلق آمالا كبيرة على حوار وطني مع مجموعات متطرفة مسلحة لم تبد أي رغبة في هذا الحوار ولم تمارسه في الماضي، الأمر الذي يرجح سيناريو التدخل في الجنوب الليبي، وإن اقتصر ذلك على ضربات جوية، بالنسبة للفرنسيين، الذي يتمسكون، في الوقت ذاته بعقيدة سياستهم الخارجية التي تقضي بتوفير غطاء من الشرعية الدولية لعمليات من هذا النوع.
ولكن التدخل عبر الجنوب الليبي لن يكون مجديا إذا لم تتلق البؤر الأخرى للمجموعات المسلحة شرقا وغربا ضربات مشابهة، وفي هذا الإطار يمكن أن تسعى باريس لإنشاء محور يجمع القاهرة وتونس والجزائر تحت شعار مكافحة الإرهاب في ليبيا، وإذا كانت العواصم الثلاث تتفق من حيث المبدأ على هذا الهدف، إلا أنها ما زالت مترددة فيما يتعلق بالتكتيكات الفعالة لتحقيقه، حيث يستمر الجزائريون في الحديث عن حوار وطني، ويواصل المصريون دعمهم لقوات اللواء حفتر، بينما ينشغل التونسيون بتشكيل حكومتهم الجديدة.
هذه الصورة المعقدة لا تعني استحالة تفاهمات سريعة ولا استبعاد احتمال تدخل قريب، ذلك إن الجميع، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي يدركون أن الوقت محدود، ومخاطر استمرار الوضع على ما هو عليه كبيرة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك