تشكل جلسات الحوار بين الافرقاء الليبيين فرصة لإعادة ترتيب أوضاع البيت داخليا ولتامين ظروف أفضل لاستقرار الدول المجاورة بينما يبدو تداخل التأثيرات المحلية والإقليمية والدولية واضحة على المشهد الوطني مع تصاعد خطر تهديد القاعدة، وهو ما دفع السلطات الليبية للتنسيق مع كل من تونس والجزائر لمواجهة تهديدات الجماعات المسلحة التي وجدت في عدم الاستقرار الأمني ووفرة السلاح المنتشر عقب الثورة الليبية أداة لتحقيق أهدافها.
إعلان
يزداد الوضع الأمني في ليبيا سوءًا، مع ضعف مؤسسات الحكم الانتقالي، وتواصل الصراع بين المكونات السياسية على مستويات حزبية أو مناطقية أو قبلية. وتواجه الحكومة المنتخبة والمعترف بها غياب سيطرتها على كامل أراضيها وخروج بعض مؤسسات الدولة وموظفيها عن شرعيتها.
وتشير تقارير عديدة إلى ارتفاع مؤشرات الفساد وسرقة المال العام وهدر الثروات، ويتعرض إنتاج النفط، للاعتداء في مناطق استخراجه وموانئ تصديره حيث يقوم مسلحون بتصديره لحسابهم الخاص، بمساعدة أطراف خارجية.
يضم المشهد الليبي ظواهر تعكس وضع البلاد، وذلك بعد التفاؤل الذي أعقب نجاح انتخابات يوليو/تموز 2012، ويمكن اعتبار تردي الأوضاع الأمنية والصراع الراهن وعجز مؤسسات الدولة عن القيام بوظائفها، من أبرز هذه الخصائص. وقد أدت الثورة التي انطلقت ضد القذافي إلى نشوء قوى مناطقية وقبلية.
وقد اتجهت القوى التي وحدها الصراع ضد القذافي إلى تحقيق أهدافها الخاصة بعد سقوطه، وتمثل هذه التطورات تهديدًا حقيقيًا، فيما يدفع الوضع الإقليمي بالحكومة الليبية المنتخبة ومن يساندها من الأسرة الدولية إلى العمل لتفادي تكرار تجربة الإسلاميين في كل من مصر وتونس.
إن التجربة التي مرت بها البلاد منذ انطلاق الثورة ضد القذافي تؤكد أهمية التوافقات بين مكونات المشهد الليبي، الذي تخيم عليه قوى مسلحة تمثل أجندات محلية أو إقليمية كما هو الحال في برقة وفزان، أو الذي يخضع لقوى قبلية جهوية كما في مصراته والزنتان، كذلك يعرف هذا المشهد انقسامًا سياسيًا بين الإسلاميين والليبراليين، وانتشارًا لمجموعات مسلحة خارجة عن سيطرة الطرفين المذكورين ويهدد غياب التوافق بين القوى السياسية بانحدار البلد نحو صراع يضيع الوحدة الوطنية خاصة أن القوى المختلفة تتبادل الاتهامات بشأن الارتباطات الخارجية والارتهان لأجندات خارجية، ليس من شأنها سوى
تعميق الانقسام الذي أحدثه التدخل الخارجي ضد القذافي بين مناطق ليبيا وقبائلها.
وفي حين لا يبدو أن الطبقة السياسية والقيادات العسكرية تدرك خطرغياب التوافقات، فإن ليبيا قد تحتاج إلى مساعدة المجتمع الدولي، لتحقيق التفاهم والحل السلمي الذي انطلق في جنيف ولكنه مهدد بعد الشروط التي وضعها المؤتمر الوطني وهو البرلمان المنتهية ولايته لاستكمال جلسات الحوار على الأراضي الليبية من خلال ثوابت تتمثل في "الالتزام بمبادئ وأهداف ثورة 17 شباط – فبراير، والإعلان الدستوري.
تحتاج القيادات السياسية والثورية إلى أن تدرك أن تحقيق أهداف الثورة في المرحلة الحالية يتم عبر أساليب تختلف عن تلك التي استُخدمت للإطاحة بالقذافي، وأن الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبيرة في تحقيق هذا الهدف وان إضاعة فرصة جنيف قد تصبح ضياعا للوطن
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك