مقتل الطلبة المسلمين الثلاثة في الولايات المتحدة وحملات " الفيس بوك " المسعورة
نشرت في:
استمع
الجدل الحالي الذي أثارة مقتل ثلاثة طلبة من أتباع الديانة الإسلامية في ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية قبل أيام تحول بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى مشادات كلامية فيها حيز كبير للعبارات النابية وإلى أرضية من شأنها تأجيج مشاعر الحقد والكراهية.
والحقيقة أن الهنات المسجلة في طريقة تعاطي السياسيين والقضاء ووسائل الإعلام مع حادثة مقتل الطلبة الثلاثة والسياق العالمي الحالي المتصل بالإرهاب الذي ترتكبه مجموعات إسلامية متطرفة أو أشخاص منتمون إليها أو محسوبون عليها سببان رئيسيان يقفان وراء هذه المشادات وما تفرزه من حملات وحملات مضادة لا يستفيد منها إلا المستثمرون في منطق التطرف والحقد.
فقد لوحظ من جهة أن وسائل الإعلام الأمريكية لم تهتم بما فيه الكفاية بمقتل الطلبة الثلاثة لشرح أسباب الجريمة ومسبباتها . أما الجهاز القضائي الأمريكي، فإنه كان من جهة أخرى مقترا في الإدلاء بمعلومات عن الدوافع التي أدت بالقاتل إلى اقتراف جريمته. وأما الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فإنه تأخر كثيرا في إدانة الجريمة وتقديم التعازي إلى أهل الضحايا والدعوة إلى تهدئة الخواطر.
ووجد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في الشروح التي قدمها أهل الضحايا من ناحية وأهل الجاني من ناحية أخرى مادة خصبة لتغذية الحملات والحملات المضادة المسعورة بين المدافعين عن الضحايا والمدافعين عن الجاني. فقد أكدت زوجة هذا الأخير أنه ليس ثمة علاقة بين الجريمة ومعاداة الإسلام والمسلمين وأن خلافا على أماكن لصف السيارات هو الذي يقف وراء ما أقدم عليه زوجها. ولكن أهل الضحايا أكدوا أن الجاني كان معاديا للديانات وأنه كان يفاخر على " الفيس بوك" بإلحاده وبأن معه دوما مسدسا محشوا بالرصاص.
بل إن كثيرين من الذين انخرطوا في الدفاع عن ضحايا الجريمة كرروا عبر مداخلاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقولة تترد في الولايات المتحدة لاسيما منذ اعتداءات الحادي عشر سبتمبر عام 2001، وملخصها أن الأمريكي المسلم الذي يطلق النار يفترض أن يكون " إرهابيا" .أما الأمريكي الأسود البشرة ، فهو " لص بالضرورة" عندما يطلق النار. وأما الأمريكي الأبيض الذي يطلق النار، فإنما يفعل ذلك "للدفاع عن نفسه".
مجمل القول إن هناك اليوم حاجة ماسة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أي بلد آخر لتعامل السياسيين ووسائل الإعلام والأجهزة الأمنية والقضائية مع ملفات مثل شبيهة بملف هذه الجريمة وسياقها بشكل يقوم على الشفافية والمسؤولية في الوقت ذاته، ويحول دون الترويج لأطروحات الحقد وإقصاء الآخر بعيدا عن الانتماءات الدينية والعرقية والطائفية والعقائدية والسياسية والأيديولوجية ويسمح على الأقل بالتخفيف من الآثار السلبية التي تحدثها الحملات والحملات المضادة المسعورة في النفوس عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك