بعد 13 عاما على اعتداء "غريبا" على كنيس في تونس، تعيش البلاد هذه الأجواء من جديد مع الاعتداء على متحف باردو، ولكن الفارق الكبير يكمن في أن ثورة الياسمين والربيع العربي كان الحدث الرئيسي الذي يفصل بين الاعتداءين، ولكن يبدو أن هذا الفاصل لا يهم فرق الإسلام المتطرف.
إعلان
لماذا تونس؟
سؤال يردده الكثيرون، بعد المقارنة بين مواقف الأنظمة والأوضاع في بلدان الربيع العربي المختلفة التي تتعرض للاعتداءات الإرهابية.
سوريا والعراق، بلدان يشهدان حروبا مفتوحة تبرز فيها صبغة طائفية، وتعتبر تنظيمات الاسلام المتطرف، سواء تنظيم القاعدة او تنظيم داعش، انها تدافع عن احدى الطوائف وتسعى لإقامة دولتها او ما يسمى بدولة الخلافة الاسلامية.
مصر، يحكمها نظام يرى الاسلاميون انه استخدم القوة والعنف لخلعهم من السلطة التي نجحوا في الوصول اليها عبر صناديق الاقتراع، وبالتالي، أعلنوا عليه الحرب التي تخوضها الأجنحة الأكثر تطرفا في سيناء وباعتداءات وتفجيرات في مختلف المدن المصرية.
اليمن، صراع على السلطة بين قوى متعددة في بلد يتمتع فيه تنظيم القاعدة والحوثيين بجذور عميقة وإمكانيات مادية وعسكرية هامة، بينما يحتد صراع سياسي قوي بين الأحزاب يؤدي الى تعطيل إقامة بنى الدولة السياسية.
ليبيا، صراع سياسي عنيف على السلطة، الاسلاميون احد أطرافه الاساسية.
وسط هذه الخريطة المتفجرة، تبرز تونس التي أشعلت فتيل الربيع العربي، ولكنها تمكنت من تفادي تدخل الجيش في عملية الحكم وتجنبت القطيعة والصراع بين القوى المدنية والإسلام السياسي، ولم تشترك في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش وظلت على الحياد في الصراع الدائر على أراضي الجارة ليبيا، والاهم من كل ذلك، انها تمكنت من إطلاق عملية البناء السياسي وقطع خطوات هامة، وبالتالي، يعود سؤال البداية بقوة ... لماذا تونس ؟ او ... لما لا تونس ؟
والإجابة قد تأتي من مؤشرات برزت وتطورت على مدى السنوات الأربع، ولكنها ظلت مهملة، وأهمها تبرز في أن أول كتيبة اجنبية قاتلت في اطار تنظيم داعش في سوريا والعراق كانت تونسية، وان عدد التونسيين الذين انضموا الى صفوف هذا التنظيم يتراوح بين ٣٠٠٠ و٤٠٠٠ مقاتل، عاد منهم حوالي ٦٠٠ الى تونس التي شهدت داخليا تطورا بطيئا ومستمرا للتيارات السلفية والجهادية، ويبدو ان الخطوات المتقدمة التي قطعها هذا البلد منذ عدة عقود على المستوى الاجتماعي والثقافي، غيبت عن الاذهان ان اقتصاده ريعي بالدرجة الاولى تديره ديكتاتورية سياسية بأقصى درجات الفساد، ونتحدث، بالتالي، عن التربة المثالية لنمو الاسلام السياسي المتطرف في صفوف الطبقات الفقيرة.
ضرب تونس، في هذه اللحظة تحديدا، وهي تقطع خطوة هامة في بنائها الديمقراطي، وكيف قلب تنظيم داعش التوازنات في سوريا، وكيف تعامل الاخوان المسلمون في مصر، وهم في قصر الرئاسة، مع شباب الثورة من جانب ومع بقايا نظام مبارك من جهة اخرى، كل هذه التجارب القريبة تطرح السؤال الكبير عن الشراكة التاريخية بين الاسلام السياسي بكافة فرقه والأنظمة التي أسقطها الربيع العربي او هز أركانها بقوة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك