في بداية هذا الاسبوع زار الرئيس الفرنسي الجزائر، وذلك للمرة الثانية منذ بداية ولايته. ومن الواضح أن قيام فرنسوا هولاند بزيارتين إلى هذا البلد في أقل من ثلاث سنوات. يتلاءم مع توصيفه العلاقة بين البلدين بـ “الاستثنائية”.
يفسر البعض هذا الاهتمام بدوافع شخصية نظرا لكون الجزائر البلد المغاربي الوحيد الذي يعرفه جيدًا، حيث أمضى ثمانية اشهر في سفارة فرنسا في الجزائر عندما كان متدربا في المعهد الوطني للإدارة، ونظرا لحساسية جيل هولاند إزاء حرب الجزائر. وداخل الحزب الاشتراكي الفرنسي كان فريق عمل هولاند الامين الاول السابق ينشط من اجل التقارب مع الجزائر وتصفية تركات الماضي الثقيل بشكل تدريجي. وصاغت الرئاسة الفرنسية معادلة الانفتاح على اساس التسليم او عدم انتقاد الحكم الجزائري القوي والسلطوي، مقابل عدم الحاح الجانب الجزائري على ربط تحسين العلاقات بسرعة الاعتراف الفرنسي بالماضي الاستعماري وخطاياه.
على عكس سلفه نيكولا ساركوزي، الذي كانت الجزائر تعتبره منحازا للمغرب في اطار نزاع ثنائي لا ينتهي، يثمن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه وفريقه السياسة الجزائرية لهولاند ويصفونها بأنها متوازنة مما وضع حدا للبرود الذي كان يطبع سابقا العلاقات الفرنسية الجزائرية.
انعكس هذا التطبيع والتنشيط على العلاقات التجارية والاقتصادية إذ تبقى فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للجزائر، كما قامت بتطوير وجودها في هذا البلد من خلال تمركز الشركات الكبرى الفرنسية في مجالات صناعة السيارات والأدوية. وتريد باريس استرداد مكانتها كأول مزود للجزائر، الذي خسرته في 2013 لصالح الصين.
بفضل تطور العلاقة الثنائية ، ازداد التنسيق ضد الارهاب والحركات المتشددة في منطقة الساحل، وتجلى ذلك بشكل خاص في حرب مالي وتتماتها. أما في الملف الليبي الذي شهد تباينا بين البلدين، توافق هولاند وبوتفليقة على مكافحة الفوضى وتوسع نطاق سيطرة تنظيم "داعش".
بيد أن بعض المراقبين في الجزائر وباريس يربطون بين الزيارة وتفقد هولاند لحالة الرئيس بوتفليقة الصحية واستطلاع الوضع الجزائري وآفاقه على المديين القريب والمتوسط. فرنسا التي تشيد بعلاقتها الوثيقة مع بوتفليقة يبدو انها تستعد لمرحلة ما بعد بوتفليقة لصيانة العلاقة الخاصة والمتعرجة بين البلدين.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك