هي ليست عملية عسكرية بالمعنى التقليدي للكلمة ...لكن هي عملية مراقبة مشددة على شبكات المهربين عبر نشر طائرات بدون طيار وبواخر عسكرية وغواصات بحرية هدفها الأساسي جمع أقصى المعلومات حول الفضاء الذي تتحرك فيه هذه الشبكات التي تتاجر بالبشر و تنقلهم إلى الضفة الجنوبية للمتوسط.
إعلان
العلمية قررها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم الشهري في لوكسمبورغ وجاءت كجواب على التوتر السياسي الخطير الذي تعيشه دول الاتحاد الأوروبي منذ أن انفجر خلاف علني بين الدول الأعضاء حول توزيع عادل لاستقبال اللاجئين.
وقد التهب هذا الخلاف بين فرنسا وإيطاليا عندما رفضت باريس فتح أبوابها للاجئين قدموا من إيطاليا و تسبب ذلك في تصريحات نارية أدلى بها رئيس الحكومة الايطالي ماتيو رينزي الذي هدد باللجوء إلى خطة قد تفرض على الدول الأوروبية واقعا ترفض قبوله
الآن.
التهديد الايطالي مكون حسب ما ذكر في الصحف من شقين أساسين. الأول أن تأخذ إيطاليا القرار السيادي بمنح اللاجئين الذي يتهافتون على سواحلها بطاقات إقامة لمدة سنة تسمح لهم بموجب اتفاق شنكن وميثاق دبلن التحرك بحرية داخل الفضاء الأوروبي. أما الشق الثاني فيكمن في التلويح باستعمال القوة لمنع بعض السفن التي ترغمها البحرية الأوروبية بالإرساء في السواحل الإيطالية.
و قد اجمع المراقبون على اعتبار أن هذه التهديدات التي أطلقتها الحكومة الإيطالية تدخل في خانة المزايدات السياسية الرامية إلى ممارسة ضغط على قمة بروكسل المنعقدة يوم خمسة وعشرين حزيران أكثر منها خيارات سياسية قابلة للتطبيق الفوري .. فإيطاليا تبعث برسالة امتعاض واستغاثة لاتحاد الأوروبي من اجل تقاسم العبء والمحنة الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي يتسبب فيها تدفق اللاجئين عليها انطلاقا من ليبيا.
توقيت الإعلان عن بدأ هذه العملية البحرية جاء متزامنا مع تصاعد المخاوف الأوروبية من الشلل الذي ينتاب القيادة الأوروبية إمام هذه الظاهرة التي أصبحت ، باعتراف مختلف المحللين الإستراتيجيتين، تهدد أمنها وتوازناتها...و جاءت أيضا في الوقت الذي تنتظر فيه دول الاتحاد الأوروبي الضوء الأخطر و الغطاء القانوني لأي عملية عسكرية ضد قوارب و شبكات المهربين ...وما يزيد الأمور تعقيدا أن القوتين المتنازعتين على الحكم في لبيا يعارضان بشكل قوي أي تدخل عسكري من هذا النوع .
تبقى الإشارة إلى التساؤلات التي صاحبت الإعلان عن هذه العملية الأوروبية البحرية ..هل هي جادة في المضي قدما في ملاحقة شبكات المهربين ميدانيا أم أن هذا الإعلان يحمل فقط قي طياته رسالة رادعة لهذه الشبكات لكي تخفف من عمليات تصديرها للمهاجرين السريين و طالبي اللجوء ؟ في انطلاقا من كل هذه المعطيات يبدو جليا أن ساعة الحقيقة والخيارات الحاسمة دقت بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي التي تواجه هذه الأيام اكبر تحدي أمني منذ سنوات طويلة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك