لعبة لي الذراع أو عض الأصابع الجارية حاليا بين أثينا وبروكسل تبدو معقدة، وتتضمن توازنات دقيقة، ولكنها تضع العقيدة الاقتصادية للجنة الأوروبية موضع الكثير من الأسئلة.
إعلان
ارتفعت مؤشرات البورصات الأوروبية بمعدل تجاوز في بعضها الثلاثة في المائة، ارتفاع يأتي غداة تقديم أثينا لمقترحاتها من أجل الخروج من الأزمة، القادة الأوربيون لم يعلنوا قبولهم النهائي للخطة اليونانية، إلا أن تصريحاتهم توحي بأنهم يستعدون لذلك.
شروط الدائنين، أي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، تتمركز حول ضرورة تحقيق فائض أولي في الميزانية اليونانية، عبر تشديد إجراءات التقشف بتخفيض المعاشات ورفع ضريبة المبيعات وتغيير قانون العمل بالإضافة إلى إطلاق عملية الخصخصة بصورة كاملة. وما قدمته حكومة تسيبراس يتعلق بزيادة دخل الخزينة عبر رفع الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة والشركات وخصوصا الشركات الكبرى، وزيادة الضرائب على الممتلكات الفاخرة، كما تتضمن المقترحات خفض نفقات التسلح بمقدار 200 مليون يورو، والمتضرر الأكبر من هذا المقترح سيكون فرنسا مزود أثينا الرئيسي بالسلاح.
ضغوط اللجنة الأوروبية وصندوق النقد الدولي على اليونان، كانت هائلة خلال الأسابيع الأخيرة، واستخدم خبراء المؤسستين مصطلح إفلاس اليونان بكثرة، طارحين فكرة خروجها من نظام اليورو بقوة، إلا أنه كان من الواضح أن تنفيذ فكرة من هذا النوع سيكون كارثة حقيقية على الدائنين كما هي على المدين.
العديد من الخبراء الاقتصاديين أكدوا أن شروط الدائنين، بل وخطة الإنقاذ الاقتصادي التي أطلقت عام ألفين وعشرة، غير مجدية اقتصاديا، وأنه من المستحيل أن تؤدي إلى خروج هذا البلد من أزمته الاقتصادية نحو عملية تنمية حقيقية، وإنما تعني الإبقاء عليه في دوامة سياسة تقشف قاسية من أجل خدمة الديون.
يبدو واضحا أن الهدف سياسي، إن لم نقل أيديولوجيا بالمفهوم الاقتصادي للكلمة، ذلك إن اللجنة الأوروبية التي تتبنى منذ البداية فكرا ليبراليا راديكاليا، لا ترى حلولا للأزمات إلا عبر سياسات التقشف القاسية، وهو المنهج الذي تحاول فرضه على كافة مواقع الأزمة في أوروبا، ونجاح الحكومة اليونانية الجديدة عبر رفض التقشف، يعني انتشار الوباء في بلدان مثل البرتغال، إسبانيا، إيطاليا وحتى في فرنسا عبر صعود قوى سياسية وتراجع قوى أخرى.
صورة تعني الفوضى المخيفة بالنسبة للمستشارة الألمانية ورئيس البنك الأوروبي والمسئولين في اللجنة الأوروبية وصندوق النقد الدولي، ذلك إن التقشف هو العقيدة الوحيدة لكل هؤلاء، وفي حال نفاذ اليونانيين من شباك هذه السياسة، فإن الصيف الأوروبي يمكن أن يصبح شديد الحرارة اجتماعيا.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك