تمر العلاقات بين باريس والرياض على محك قوي في هذه الأيام بسبب قرار المملكة العربية السعودية إعدام الشاب الشيعي علي النمر بتهمة المشاركة في تظاهرة ضد الملك والذي كان اعتقل وهو قاصر في شهر شباط / فبراير عام 2012.
إعلان
الموضوع أخذ أبعادا سياسية داخل فرنسا عندما ارتفعت أصوات تطالب الرئيس الفرنسي باتخاذ مواقف صارمة اتجاه المملكة ومحاولة ثنيها على تطبيق قرار الإعدام...هذه الأصوات منحت لهذه القضية أبعادا فرنسية داخلية أرغم على إثرها وزير الخارجية لوران فابيوس على إصدار بيان مقتضب. كما أطلق الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي كان يشارك في قمة بروكسيل حول أزمة اللاجئين تصريحات دعا إلى عدم تنفيذ حكم الإعدام الصادر في حق علي النجم باسم مبدأ أساسي هو أن العقوبة الموت يجب أن تلغى و تنفيذ أحكام الإعدام يجب أن يمنع ...حسب تعبير الرئيس الفرنسي ..
وقد اعتبر المراقبون أن هذا الجدل الذي شب في الطبقة السياسية الفرنسية حول هذا الموضوع مصدره حسابات سياسية فرنسية داخلية تريد أن تستغل أي ظاهرة لإضعاف أداء الرئيس هولاند الدولي ...معظم هذه الانتقادات وجهت سهامها من معرقل المعارضة الفرنسية ...فبعض زعماء حزب الجمهوريون الذي يتزعمه نيكولا ساركوزي اعتبروا أن الموقف الرسمي للدبلوماسية اتجاه هذه القضية جاء خافتا وليس على مستوى المبادئ و القيم التي ينادي بها الرئيس هولاند في حين استغل اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان هذه القضية لمحاولة التقليل من أهمية الحضور الدولي للرئيس هولاند.
الإشكالية أخذت زخما في فرنسا بسبب السياسية التي اتبعها فرانسوا هولاند اتجاه العربية السعودية و العلاقات الاقتصادية والإستراتيجية التي أقامتها باريس بالرياض ...تحالفات عسكرية أمنية وسياسية وعقود اقتصادية عملاقة دفعت بالبعض إلى التساؤل هل هذه الوضعية لا تمنع الدبلوماسية الفرنسية من التعبير عن مواقف منتقدة للخيارات السعودية خصوصا في موضوع حقوق الإنسان والحريات العامة و الفردية باسم ما سمي بالواقعية السياسية التي تفرض على فرنسا مقاربات محتشمة لكل المواضيع الملتهبة سياسيا ...
المعارضة الفرنسية الداخلية لفرانسوا هولاند استغلت صمته النسبي اتجاه العربية السعودية لمحاولة كسر ما تعتبره الإنجاز الوحيد الذي حققه الرئيس الفرنسي في عهدته ألا وهو أسماع صوت فرنسا على المستوى الدولي وإقامة شراكات مربحة لباريس مع لاعبين إقليميين نافذين مثل العربية السعودية ...وبانتقادهم لهذا الأداء تحاول المعارضة سحب البساط من تحت أقدام فرنسوا هولاند من اجل منعه من استغلال هذه الورقة اتجاه الرأي العام الفرنسي واللعب على إنجازاته على المستوى الدولي لإخفاء إخفاقاته على المستوى الداخلي ومحاولة إقناع الرأي العام الفرنسي بأنه قادر على خوض غمار ولاية ثانية بدأت معركتها تؤطر التعبير الأساسي لقوى اليمين و اليسار...
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك