جولة فالس الشرق أوسطية وارتباك فرنسي في الأزمة السورية؟
نشرت في:
جولة رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس، التي كان مقررا لها أن تقتصر على أهداف اقتصادية، وفق مبدأ تقاسم السلطات بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة في فرنسا، ولكن محاورها تغيرت جذريا مع التطورات الكبيرة التي تعيشها المنطقة حاليا، وامتدت لتشمل ملفات الأمن والسياسة الخارجية.
جولة شرق أوسطية هي الأولى والأطول والأكثر تنوعا، تلك التي يقوم بها رئيس الحكومة الفرنسي مانويل فالس، محطتها الأولى في القاهرة قبل أن ينتقل إلى عمان ويختتمها في الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي الفرنسي السعودي حيث ينضم إليه وزيرا الاقتصاد والخارجية، والهدف هو التوقيع على اكبر عدد من العقود مع المملكة التي كانت قد وعدت الفرنسيين بعقود تصل قيمتها الى خمسين مليار دولار.
الاقتصاد كان الهدف الرئيسي لجولة فالس، عندما بدا التحضير لها في بداية الصيف الماضي، إلا أن التطورات الدرامية والمتسارعة في أزمات المنطقة غيرت من مركز ثقل جولة فالس الشرق أوسطية.
الأزمة السورية تحتل المقدمة في الجانب السياسي لهذه الجولة، وخصوصا أزمة اللاجئين السوريين في أوروبا والتي تشغل رئيس الحكومة الفرنسي ووزير الداخلية السابق إلى درجة كبيرة وستكون المحور الأساسي لزيارته إلى الأردن.
اليوم، وبعد اقتحام بوتين للازمة السورية بقوة إلى جانب النظام السوري وضد قوى إسلامية تتمتع بدعم إقليمي، والاضطراب والتخبط الذي يسود الموقف الأوروبي، برلين لا ترفض الحوار مع بشار الأسد، بينما تعتبر باريس أن رحيله شرط لحل الأزمة.
يبدو، اليوم، من الضروري بالنسبة لفرنسا أن تعيد ترتيب أوراقها وتجد موقعها الجديد على الخريطة الدولية بالنسبة للملف السوري، ومن هنا تنبع أهمية القاهرة التي دعمت الغارات الجوية الروسية، بالرغم من علاقاتها الخاصة بالسعودية حيث تقدم المملكة معونات مالية هائلة إلى مصر، ودعمت نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في مواجهته مع الإخوان المسلمين.
الموقف المصري يمكن أن يجعل من القاهرة، بالنسبة للفرنسيين، قناة لفهم أبعاد التحرك الروسي، تمهيدا لتعديلات محدودة محتملة في مواقف باريس وموقعها في هذه الأزمة.
وشخصية رئيس الحكومة الفرنسية تلعب دورا في هذا المشاورات مع القاهرة، ذلك إن مانويل فالس الذي كان رئيس بلدية في ضواحي باريس ووزيرا للداخلية يعتبر أن علمانية الدولة الفرنسية مبدأ أساسي، وتشكل ظاهرة التطرف الديني والتنظيمات الإسلامية الجهادية هاجسا رئيسيا له، وعند اشتعال ثورة الياسمين في تونس عام ٢٠١١، تحدث في البرلمان الفرنسي آخذا على الطبقة السياسية تسرعها في دعم الربيع العربي، مما يعني انه سيجد في القاهرة، لدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، آذانا مصغية إلى درجة كبيرة.
يبقى أن السياسة الخارجية وقضايا الدفاع هي مجالات حصرية لرئيس الدولة في فرنسا، والسياسة الشرق أوسطية للدبلوماسية الفرنسية عريقة وقديمة ولا تتغير بين ليلة وضحاها، حتى تحت ضغوط المسئولين الرئيسيين في الدولة، ولكن هذه السياسة تمر بأزمة وعدم وضوح للرؤية في الملف السوري، وهو الأمر الذي يفتح الباب واسعا أمام احتمالات كثيرة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك